نجد الحكم في الكتاب ولا السنّة قسنا الأمر بالأمر فما كان أقرب إلى الحقّ عملنا به » (١).
ووجه دلالتها أنّهما صرّحا بالأخذ بالقياس عند فقدان النصّ ، والنبي صلىاللهعليهوآله أقرّهما عليه فكان حجّة.
وفيه : أنّه ضعيف سنداً أيضاً فلا يمكن الاعتماد عليه وإن تمّت دلالتها.
وحديث الجارية الخثعمية أنّها قالت : « يارسول الله إنّ أبي أدركته فريضة الحجّ شيخاً زمناً لا يستطيع أن يحجّ إن حججت عنه أينفعه ذلك؟ فقال لها : أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أكان ينفعه ذلك؟ قالت : نعم. قال : فدين الله أحقّ بالقضاء ».
وتقريب دلالته أنّه الحق دين الله بدين الآدمي في وجوب القضاء ونفعه ، وهو عين القياس (٢).
وفيه أوّلاً : أنّ الاستدلال لحجّية قياساتنا بقياس النبي صلىاللهعليهوآله نوع من القياس ، واعتباره أوّل الكلام.
ثانياً : أنّ ظاهر الحديث تمسّكه صلىاللهعليهوآله بالقياس الأولويّة وهو خارج عن محلّ الكلام.
ثمّ أضف إلى ذلك كلّه أنّ هذه الرّوايات لو تمّت سنداً ودلالة لكنّها معارضة بما هو أقوى وأظهر ، أي الرّوايات السابقة الدالّة على بطلان القياس التي نقلنا بعضها عن طرقهم.
هذا كلّه في الاستدلال بالسنّة على حجّية القياس.
أمّا الإجماع ، فقد ادّعى اتّفاق الصحابة على حجّية القياس حيث إن طائفة منهم كانوا عاملين بالقياس وطائفة اخرى سكتوا عنه فلم ينكروا عليهم.
وفيه أوّلاً : أنّ الصغرى ليست بثابتة لأنّ الكثير من الصحابة لم يكونوا في المدينة في ذاك العصر بل كانوا في مختلف بلاد الإسلام.
وثانياً : لا دليل على كون جميع الصحابة داخلين في إحدى هاتين الطائفتين وليس لنا مدرك جمع فيه أقوال كلّ الصحابة.
__________________
(١) الاصول العامّة : ص ٣٣٨.
(٢) المصدر السابق : ص ٣٣٨.