العام؟ ذهب المحقّق النائيني رحمهالله إلى أنّ التفاوت يكون باعتبار الحكم لا بحسب الذات ، والنتيجة عدم إمكان تصوّر هذه الأقسام قبل تصوّر الحكم ، وذهب بعض إلى أنّ التفاوت بحسب الذات وإنّ لنا ثلاث تصوّرات مختلفة قبل ورود الحكم.
أقول : الصحيح هو الأوّل ، لأنّ العام في جميع هذه الأقسام بمعنى واحد وهو الشمول ، وهذا المعنى موجود في الثلاثة على وزن واحد ، والتفاوت يحصل بتصوّر الحكم المتعلّق به ولو إجمالاً ، حتّى أنّ من يتوهّم أنّه يتصوّر كلّ واحد منها مستقلاً يتصوّر ابتداءً ( وبنحو الإجمال ) حكماً ثمّ بملاك التفاوت في أقسام ذلك الحكم يقسّم العام إلى أقسامه الثلاثة كما يظهر عند التأمّل ، والشاهد على ذلك أنّا نقوّم التفاوت بين العام الاستغراقي والعام المجموعي بوحدة الطاعة والعصيان في أحدهما وتعدّدهما في الآخر ، وتعدّد الطاعة والعصيان ووحدتهما تترتّبان على استغراقيّة الحكم ومجموعيته.
إن قلت : كيف؟ ولكلّ واحد منها لفظ غير ما للآخر ، مثل كلمة « أي » للعموم البدلي وكلمة « كلّ » للعموم الاستغراقي.
قلت : نعم ولكنّه أيضاً بملاحظة اختلاف كيفية تعلّق الأحكام لأنّه لا يمكن تطرّق هذه الأقسام إلاّبهذه الملاحظة ، كما يكون كذلك في باب الحروف ، فإنّ الواضع فيه وضع الألفاظ لمعانيها بملاحظة الأحكام المختلفة التي تتعلّق بها كما لا يخفى.
الأمر الثاني : قال المحقّق النائيني رحمهالله : « لا يخفى أنّ في عدّ القسم الثالث ( العموم البدلي ) من أقسام العموم مسامحة واضحة ، بداهة أنّ البدليّة تنافي العموم فإنّ متعلّق الحكم في العموم البدلي ليس إلاّفرداً واحداً ، أعني به الفرد المنتشر وهو ليس بعام ، نعم البدليّة عامّة ، فالعموم إنّما هو في البدليّة لا في الحكم المتعلّق بالفرد على البدل » (١).
أقول : لا يصحّ التفكيك بين البدليّة ومتعلّق الحكم ، لأنّ المتعلّق في العموم البدلي هو نفس البدليّة لا شيء آخر ، وبالنتيجة يكون لمتعلّق الحكم هنا أيضاً شمول ، لكن شمول كلّ شيء بحسبه ، وهو في هذا العموم كفايّة إتيان المأمور به ضمن أيّ فرد من الأفراد ، ولا وجه لأن نتوقّع تلوّنه في جميع الأشياء بلون واحد.
__________________
(١) أجود التقريرات : ج ١ ، ص ٤٤٣.