والشبهة المفهوميّة للمخصّص في عدم جواز التمسّك بالعام.
إنّما الكلام في الصورة الرابعة وهي ما إذا كان الخاصّ منفصلاً وكان أمره دائراً بين الأقلّ والأكثر ، فاستدلّ لعدم جواز التمسّك حينئذٍ بوجوه ثلاثة :
الوجه الأوّل : ما ذكره المحقّق الخراساني رحمهالله وحاصله : أنّ الخاصّ المنفصل إنّما يزاحم حجّية العام في خصوص الأفراد المعلومة دخولها في الخاصّ كمن علم فسقه ، ولا يزاحمه في الأفراد المشكوكة الفسق فيكون العام حجّة فيما لا يكون الخاصّ حجّة فيه ، ثمّ أجاب عنه : بأنّ الخاصّ كما لا يكون حجّة في المصاديق المشكوكة فكذلك العام لا يكون حجّة فيها فلا بدّ فيها من الرجوع إلى الأصل العملي وذلك لأنّ الخاصّ المنفصل وإن لم يصادم أصل ظهور العام بل ظهوره باقٍ على حاله حتّى في الأفراد المعلومة الفسق فضلاً عن المشكوكة ، لكنّه يتعنون بعنوان عدمي فيتبدّل عنوان العالم مثلاً إلى عنوان العالم غير الفاسق ، وهذا يوجب لا محالة قصر حجّيته بما سوى الفاسق ، عليه فالفرد المشتبه كما لا يعلم إندراجه تحت الخاصّ ولا يمكن التمسّك به لإجراء حكمه عليه وهو حرمة الإكرام فكذلك لا يعلم إندراجه تحت العام كي يمكن التمسّك به لإجراء حكم العام عليه وهو وجوب الإكرام.
إن قلت : هذا ينافي مختاركم سابقاً من أن تعنون العام يجري في خصوص المخصوص المتّصل ، وأمّا المنفصل فيوجب التصرّف في الإرادة الجدّية فحسب.
قلنا : إنّه كذلك ، لكنّ المقصود من عدم تعنون العام في المنفصل عدم تعنونه بما هو هو لا بما هو حجّة ، فالمصداق المشتبه وإن كان مصداقاً للعام بما هو هو إلاّ أنّه لم يعلم أنّه من مصاديقه بما هو حجّة لاختصاص حجّيته بغير الفاسق أو لا؟
الوجه الثاني : أنّ العام بعمومه الأفرادي يدلّ على وجوب إكرام كلّ واحد من العلماء في مثال « أكرم العلماء » ويدلّ بعمومه الأحوالي على سراية الحكم إلى كلّ حالة من حالات الموضوع ، ومن جملة حالاته كونه مشكوك الفسق والعدالة ، وقد علم من قوله : « لا تكرم الفسّاق من العلماء » خروج معلوم الفسق منهم ، فمقتضى أصالة العموم بقاء المشكوك على حاله.
والجواب عنه واضح ، لأنّ العام يشمل أفراده الواقعيّة كما أنّ الخاصّ أيضاً يشمل أفراده الواقعيّة ، كما أنّه كذلك في جميع الألفاظ فإنّها ناظرة إلى عناوينها الواقعيّة ، فالموضوع للعام في