الفصل الرابع
أصول الوعي التاريخي من منظور مهدوي
فكرة المهدي ـ كما حقّقنا ـ ليست بدعة شيعية أو أسطورة خرافية نسجها الخيال الشعبي للمحرومين والمسحوقين في التاريخ تعويضاً عن واقعهم الرديء ، بل هي عقيدة راسخة التقت حولها الأديان وأجمع عليها المسلمون كلّهم وإن اختلفوا في بعض تفاصيلها.
عقيدة تستند إلى نصوص قطعية من القرآن الكريم والحديث ، والذي بلغت بعض مروياته حدّ التواتر.
وما أثير حول هذا المعتقد من شبهات وما يثار كلّ يوم لا يصمد أمام تجذّر هذا المعتقد ورسوخه في الوعي الديني لجميع الفرق والمذاهب.
والاختلافات حول تفاصيل فكرة المهدي ليست سوى تباينات على هامش المسألة دون المساس بجوهر القضية وجذرها العقائدي.
ويتميّز الطرح المهدوي في مدرسة أهل البيت عليهمالسلام ، فهذه المدرسة تولي هذا المبدأ عناية خاصّة ، وتتوافر على نصوص وتفاصيل تفوق ما تقدّمه المدارس الأخرى.
في هذا الفصل نحاول استكشاف تفاصيل جديدة يضيفها المعتقد الإمامي للرؤية الإسلامية العامة في فلسفة التاريخ التي عرضناها في الفصل السابق.
أي أنّنا نحاول هنا استكمال بناء النظرية الإسلامية بلحاظ خصوصيات المعتقد الإمامي ، الذي يستوعب النظرية العامة ويضيف إليها عناصر جديدة على قاعدة الإيمان بالإمام الثاني عشر وسلسلة الأئمة عليهمالسلام عموماً ، وغيبته وانتظاره وتفاصيل ظهوره مما انفردت به هذه المدرسة.
هذه التفاصيل ستكون مدخلاً لشبهات جديدة حول هذه العناصر وإشكالات جديدة حول سنن التاريخ ، وحتمية الظهور وتعظيم دور البطل ( المهدي عجل الله تعالى فرجه ) ، حول تهميش دور الأُمّة والجماهير ، ومفهوم الانتظار وتعطيل الأدوار الحضارية والمسؤوليات الكبرى للأفراد والأُمّة.