لقد حقّقت رسالة نوح عليهالسلام الأهداف التالية :
أ. تعميق المفاهيم الإلهية ، ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَ هٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) [ الأعراف ].
ب. إعطاء الأوامر والنواهي ، ( إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ) [ الشعراء ].
ج. بروز فكرة العذاب والعقاب كمفهوم جديد ، ولكن بحكم مستوى الوعي المحدود والسائد تمّ التأكيد على الجزاء الدنيوي أكثر من الجزاء الأخروي ، والجزاء الدنيوي الموعود هنا يشمل بعديه : الثواب والعقاب.
يقول تعالى على لسان نوح عليهالسلام : ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا * مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا) [ نوح ].
وأيضاً : ( فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ ) [ هود ].
وتحدّث القرآن الكريم في أكثر من موضع عن الطوفان كعذاب دنيوي لقوم نوح عليهالسلام الذين جحدوا رسالته وكذبوا بها : ( وقوم نوح لما كذبوا الرسل اغرقنهم وجعلنهم للناس ءاية واعتدنا للظلمين عذابا اليما ) [ نوح ].
( قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ * فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ ) [ الشعراء ].
تعمّق هذا الاتجاه على يد الأنبياء الذين جاؤوا بعد نوح عليهالسلام والذين تندرج نبوتهم في نفس هذه المرحلة كهود وصالح.
فلقد أُهلكت عادٌ : قَومُ هودٍ ، وثمودُ : قومُ صالحٍ بعذاب دنيوي ، يقول تعالى متحدّثاً عن قوم ثمود : ( فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ) [ الأعراف ].
وقال أيضاً متحدّثاً عن هود : ( فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ ) [ الأعراف ].