الاختلافات البسيطة بواسطة مفاهيم كالأخوة والتعاون وتعويد الناس على طاعة رموز السلطة ، وقد ساهمت هذه المضامين النبوية في تعميق الحوار والجدال حول هذه الموضوعات مما أثّر إيجاباً على مستوى الوعي العام ، ( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) [ البقرة ].
فبغضّ النظر عن الاختلاف الثاني يتصاعد الصراع في حياة الناس ليشمل قضايا النبوة ومضامينها ، وهذا شرط أساسي للنهوض بوعي الناس أيضاً.
من أبرز أنبياء هذه المرحلة إدريس عليهالسلام ، ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ) [ مريم ].
هذا النبي الذي ساهم في تفعيل النضج الذهني بفضل تعليمه الناس الكتابة فقد ورد في الأثر ـ أوّل من خطّ بالقلم إدريس ـ (١).
كما ساهم في تنضيج القدرات التقنية واليدوية فقد نقلت كتب التاريخ أنّه أوّل من خاط الثوب ولبسها ، وكذلك أوّل من نظر في النجوم ، ووضع أسماء البروج والكواكب السيّارة (٢) ، ونتج عن الطور الأوّل أمران مهمّان :
أوّلاً : تعوّد الناس على فكرة النبوة.
ثانياً : استعدادهم للتفاعل مع أفكار الأنبياء وتلقّي الأوامر والنواهي منهم.
ومع النبوات التشريعية استثمر هذا المستوى الذي بلغه الناس لتعميق ذلك أكثر فأكثر.
ويمكن أن نتحدّث عن التطوّر الذي أحدثته النبوات التشريعية من خلال نموذجها الأبرز وهو نوح عليهالسلام.
__________________
١ ـ محمّد باقر المجلسي ، بحار الأنوار ، ج ١١ ، ص ٣٢.
٢ ـ انظر : بحار الأنوار ، ج ٥٥ ، ص ٢٧٤.