أوّلاً : الإحساس بالاستعداد الكامل لتطبيق الأطروحة الإسلامية التي ستكون أطروحة مجتمع الظهور ، إنّ المنتظر الرسالي هو الذي يجد في نفسه هذا الإحساس والاندفاع لتعاليم الرسالة الإسلامية بما هي النموذج الأكمل للفكر والتشريع والصيغة الوحيدة القادرة على خلاص الإنسان.
ثانياً : الشعور بأنّ انطلاقة النهضة المهدية وشيكة ، وأنّ احتمال ظهوره في أي وقت وارد بحيث لا يمكن أن نوقّته بوقت معيّن.
ولذلك وردت روايات تنهى عن التوقيت مرسخة هذا البعد النفسي مؤكّدة أنّ الأمر يأتي بغتة : ـ إنّ أمرنا بغتة فجأة ـ (١).
ثالثاً : الارتباط الوجداني بالمهدي عجل الله تعالى : إنّ الانتظار فضاء للارتباط الروحي والتفاعل المعنوي العميق مع الإمامf ، حتّى يكون الإمام حاضراً دوماً في أحاسيسنا ومشاعرنا في حياتنا اليومية وآفاقنا وأحلامنا حتّى نعمّق اللهفة في نفوسنا لملاقاته والسير على دربه ، جاء في الحديث : ـ واعلم أنّ قلوب أهل الطاعة والإخلاص تنُزّع إليك مثل الطير إذا أمّت أوكارها ـ (٢).
وعن الرضا عليهالسلام : ـ كم من حرّى مؤمنة ، وكم من مؤمن متأسّف حرّان حزين عن فقدان الماء المعين ـ (٣).
ولقد وجّه الأئمة عليهمالسلام شيعتهم إلى تجذير هذا الارتباط الوجداني بالمهدي من خلال أدعية كثيرة تحوي مفاصل تثير في النفس كلّ معاني الحبّ والشوق والولاء والوَلَه ، تعكس حقّاً حالة المنتظر الرسالي المتحرّق إلى لقاء القائد ولقاء الانتصار.
جاء في دعاء الندبة : ـ إلى متى أُحارُ فيك يا مولاي؟ وإلى متى وأي خطاب أصف فيك؟ وأي نجوى؟ عزيز عليّ أن أجاب دونك وأناغي ، ... عزيز علي أن أبكيك ويخذلك الورى ، عزيز عليّ أن يجري عليك دونهم ما جرى ، هل من معين فأطيل معه العويل
__________________
١ ـ الشيخ المفيد ، المزار ، ص ٩.
٢ ـ المجلسي ، بحار الأنوار ، ج ٥٢ ، ص ٣٥.
٣ ـ عباس القمي ، مفاتيح الجنان ، ص ١٤٠.