ويقول الشيخ النعماني معلّقاً على هذه الروايات : ـ انظروا هذا التأديب من الأئمة عليهمالسلام ورسمهم في الصبر والكفّ والانتظار للفرج ، وذكرهم هلاك المحاضير والمستعجلين وكذب المتمنّين ، ووصفهم نجاة المسلّمين ، ومدحهم الصابرين الثابتين ، وتشبيههم إيّاهم على الثبات بثبات الحصن على أوتادها ، فتأدّبوا رحمكم الله بتأديبهم ، وامتثلوا أمرهم ، وسلّموا لقولهم ، ولا تجاوزوا رسمهم ، ولا تكونوا ممن أردته الهوى والعجلة ، ومال به الحرص عن الهدى والمحجّة البيضاء ـ (١).
وورد كذلك في الدعاء : ـ وليّن قلبي لولي أمرك ، وعافني مما امتحنت به خلقك ، وثبتني على طاعة ولي أمرك الذي سترته عن خلقك ، فبإذنك غاب عن بريتك ، وأمرك ينتظر ، وأنت العالم غير المعلّم بالوقت الذي فيه صلاح أمر وليك في الإذن له بإظهار أمره ، وكشف ستره ، فصبّرني على ذلك حتّى لا أحبّ تعجيل ما أخّرت ولا تأخير ما عجّلت ، ... ولا أقول لمَ؟ وكيف؟ وما بال ولي الأمر لا يظهر؟ وقد امتلأت الأرض من الجور ، وأفوّض أموري كلّها إليك ـ (٢).
ولكن القراءة الموضوعية للأحاديث الذّامّة للاستعجال ، وتجاوز النهج الحرفي في شرحها ، يقوداننا إلى حقيقة الاستعجال الذي تدينه الروايات وتشجبه ألا وهو الحركة الانفعالية الساعية لتحقيق أهدافها دون الأخذ بأسباب النصر وتوفير الشروط اللازمة ، وما يستتبع ذلك من إلقاء النفس في التهلكة ، وجعل المؤمنين عرضة لفتك الأعداء ، ومرمى لسهام الفتن العمياء ، عن علي بن الحسين عليهالسلام : ـ ستصبغ الأرض بدماء فراخ من فراخ آل محمّد ، تنهض تلك الفراخ في غير وقت ، وتطلب غير مدرك ، ويرابط الذين آمنوا ، ويصبرون ، ويصابرون حتّى يحكم الله ، وهو خير الحاكمين ـ (٣).
وعن الباقر عليهالسلام قال : ـ مثل خروج القائم منّا أهل البيت كخروج رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ومثل من خرج منّا أهل البيت قبل قيام القائم مثل فرخ طار فوقع من وكره فتلاعبت به الصبيان ـ (٤).
__________________
١ ـ المصدر نفسه ، ص ٢٠١.
٢ ـ المجلسي ، بحار الأنوار ، ج ٥٣ ، ص ١٨٧.
٣ ـ النعماني ، الغيبة ، ص ١٩٩.
٤ ـ المصدر نفسه ، ص ٢٠٠.