إنّها رسالة الالتزام بالإسلام والتقيّد بأخلاقه وأحكامه ، وأنّه لا معنى لولايتهم دون طاعة الله في أوامره ونواهيه ، ـ لا تنال ولايتنا إلا بالعمل والورع ـ.
وعن أبي عبد الله عليهالسلام : ـ إذا أردت أن تعرف أصحابي فانظر إلى من اشتدّ ورعه ، وخاف خالقه ، ورجا ثوابه ، وإذا رأيت هؤلاء فهؤلاء أصحابي ـ.
وعن أبي جعفر عليهالسلام : ـ يا جابر أيكتفي من ينتحل التشيّع أن يقول بحبّنا أهل البيت؟! فو الله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه ، وما كانوا يعرفون إلا بالتواضع والتخشّع ، وأداء الأمانة ، وكثرة ذكر الله ، والصوم والصلاة والبرّ بالوالدين ، والتعهّد للجيران من الفقراء ، وأهل المسكنة ، والغارمين والأيتام ، وصدق الحديث وتلاوة القرآن ، وكفّ الألسن عن الناس إلا من خير. قال جابر : يا ابن رسول الله ما نعرف أحداً بهذه الصفة. فقال : يا جابر لا تذهبنّ بك المذاهب ، أحسب الرجل أن يقول : أحبّ علياً صلوات الله عليه وأتولاّه ، فلو قال : إنّي أحبّ رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ورسول الله خير من علي ، ثمّ لا يتبع سيرته ، ولا يعمل بسنته ، ما نفعه حبّه إيّاه شيئاً ، فاتقوا الله ، واعملوا لما عند الله ، ليس بين الله وبين أحد قرابة ، أحبّ العباد إلى الله وأكرمهم عليه أتقاهم له وأعملهم ، من كان لله مطيعاً فهو لنا ولي ، ومن كان لله عاصياً فهو لنا عدو ، لا تنال ولايتنا إلا بالعمل والورع ـ (١).
فالأحاديث السابقة تبيّن بوضوح أنّ الانتماء لمدرسة أهل البيت يعني التحلّي بأخلاقهم والالتزام بطاعة الله ، وليس التشيّع انفعال عاطفي أو حبّ ندعيه دون أن يستتبعه عمل وعطاء ، وما كان المهدي نفسه ليغيب لولا تفريط الناس في مسؤولياتهم وعدم التمكين له حيث تداعت جملة من التراكمات التاريخية لسوء اختياراتهم حالت دون تصدّيه لقيادة المجتمع وتنفيذ مشروعه.
فيجب أن نؤكّد للإمام أنّنا مع الإسلام قلباً وقالباً ، وأنّ الإسلام ليس شعاراً نرفعه ، وإنمّا هو مشروع حياة نرسمه ونجسّده في حدود استطاعتنا ، توّاقين للتنفيذ الكامل لهذا الدين في ثورته العالمية الموعودة.
__________________
١ ـ الصدّوق ، صفات الشيعة ، ص ١٦.