ونحن نخالف أوامره ، ونخرج عن الخطّ القيادي العام الذي نصّبه ، لنخضع لطاغوت هنا أو هناك؟ عن عمر بن حنظلة : ـ سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة أيحلّ ذلك؟ قال : من تحاكم إليهم في حقّ أو باطل فإنّما تحاكم إلى الطاغوت ، وما يحكم له فإنّما يأخذ سحتاً ، وإن كان حقّاً ثابتاً له؛ لأنّه أخذه بحكم الطاغوت ، وقد امر الله أن يكفر به ... قلت : فكيف يصنعان؟ قال : ينظران [ إلى ] من كان منكم ممن قد روى حديثنا ، ونظر في حلالنا وحرامنا ، وعرف أحكامنا ، فليرضوا به حَكَماً ، فإنّي قد جعلته عليكم حاكماً ، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه ، فإنّما استخفّ بحكم الله ، وعلينا ردَّ ، والرَّادُّ علينا لرَّادُّ على الله ، وهو على حدّ الشرك بالله ـ (١).
ولهذا الارتباط بالقيادة الشرعية في الأُمّة ـ مع كونه مسؤولية شرعية ـ منافع كثيرة على درب التعجيل ، أهمّها : انحسار دور القيادات الدخيلة والمفروضة على الأُمّة ، والتفاف الجماهير حول رموزها ورموز مجدها وحضارتها ورسالتها ، وتعتاد الجماهير شيئاً فشيئاً على الارتباط بقيادة مركزية في المستقبل حينما يتكامل جهاز المرجعية لتستقرّ على صيغة تُوحّد الأُمّة لا تفرّقها ، وتتحوّل معها هذه الجموع من غبار بشري لا قيمة له إلى كتل متراصّة تتحرّك تحت راية واحدة.
وتمنح العلاقة بالقيادة الشرعية المؤمنين الثقة أنّهم يسيرون فعلاً في اتجاه تطبيق أطروحات الإسلام في مجالات الحياة كافّة ، يقول الإمام الخميني قدسسره في معرض استدلاله على وجوب تأسيس حكومة إسلامية : ـ واليوم في عهد الغيبة لا يوجد نصّ على شخص معيّن يدير شؤون الدولة فما هو الرأي؟ هل نترك أحكام الإسلام معطّلة؟ أم نرغب بأنفسنا عن الإسلام؟ أم نقول : إنّ الإسلام جاء ليحكم قرنين من الزمان فحسب ليهملهم بعد ذلك؟ أم نقول إنّ الإسلام أهمل أمور تنظيم الدولة؟ ونحن نعلم أنّ عدم وجود الحكومة يعني ضياع ثغور المسلمين وانتهاكها ، ويعني تخاذلنا عن حقّنا وعن أرضنا ، وهل يُسمح بذلك في ديننا؟ أليست الحكومة ضرورة من ضرورات الحياة ، وبالرغم من عدم
__________________
١ ـ محمّد يعقوب الكليني ، أصول الكافي ، ج ١ ، ص ٦٧.