هذا الطموح العالمي بامتداده من الشرق إلى الغرب ، والمستقبل بامتداده إلى ما شاء الله لابدّ أن تعمّق آليات قراءة النصّ وسبل الاستنباط وأدوات الاجتهاد.
وما زال الفكر الإسلامي يسعى جاهداً لامتلاك هذا النضج النظري لتحطيم هذا الطوق المضروب حول العقل الإسلامي ، فيحلق خارج الأسئلة القديمة وحاجات الأزمنة الغابرة ، وما تعيشه الحوزة العلمية المباركة من محاولات لتجديد المنهج هو مظهر من مظاهر الإحساس بهذه المشكلة والسعي لجعل علماء الدين قادرين على مقارعة عقل اليوم وأسئلة العصر ومتطلّبات المرحلة.
ولا نتصوّر أن يتحقّق هذا الأمر دفعة واحدة؛ بل لابدّ من تهيئة ذهنية ونفسية للناس لفهم شمولي للإسلام ، قد يجدون صعوبات في استيعابه لما عهدوه من فهم تقليدي ، فالدور الذي تلعبه طلائع المفكّرين الرساليين في الأُمّة لتجديد وطرح الإسلام طرحاً ينفض عنه غبار التخلّف ويجعل حركة الأُمّة في مسارها الطبيعي نحو ظهور المهدي وقدومه بالأمر الجديد ، إنّنا نفهم من ذلك الصيغة الواقعية للإسلام والتي تلائم حاجات ذلك العصر وتحوّلاته.
عن أبي جعفر عليهالسلام قال : ـ إنّ قائمنا إذا قام دعا الناس إلى أمر جديد كما دعا إليه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأنّ الإسلام بدأ غريباً ، وسيعود غريباً كما بدأ ، فطوبى للغرباء ـ (١).
وعن أبي عبد الله عليهالسلام : ـ فإذا تحرّك متحرّكنا فاسعوا إليه ولو حبواً ، والله وكأنّي أنظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس على كتاب جديد ، على العرب شديد ، وقال : ويل لطغاة العرب من شرّ قد اقترب ـ (٢).
وعن أبي جعفر عليهالسلام : ـ يقوم بأمر جديد ، وكتاب جديد ، وسنّة جديدة ، وقضاء جديد ، على العرب شديد ـ (٣).
عن أبي عبد الله عليهالسلام : ـ كيف أنتم لو ضرب أصحاب القائم عجل الله تعالى فرجه الفساطيط في مسجد كوفان ، ثمّ يخرج إليهم المثال المستأنف ـ (٤).
__________________
١ ـ النعماني ، الغيبة ، ص ٣١٨.
٢ ـ محمّد باقر المجلسي ، بحار الأنوار ، ج ٥٢ ، ص ١٢٨.
٣ ـ المصدر نفسه ، ص ٢٣٠.
٤ ـ المصدر نفسه ، ص ٣٦٥.