فالصراع الحضاري بين الشرق والغرب مستمرّ ، ورغبة الأخير في الهيمنة والاستيلاء على العالم عبّرت عنها جملة من الأطروحات ، كنهاية التاريخ لـ ـ فوكاياما ـ ، الذي يحاول أن يثبت أنّ النموذج الليبرالي هو أرقى نمط سياسي مجتمعي يمكن أن تبلغه البشرية ، وأنّ الليبرالية الديمقراطية هي الشكل النهائي للحكم في المجتمعات البشرية.
وهكذا تشكّل ـ العقلانية الليبرالية ـ أفق الكمال المعنوي للإنسانية ، وتتحوّل بذلك إلى ظاهرة عالمية!
ومن المفاهيم البارزة التي تروّج للمشروع الليبرالي خاصّةً على المستوى الاقتصادي ـ العولمة ـ و ـ الكوكبة ـ ، وكعنوان للهيمنة الغربية والأمريكية بالخصوص على العالم ، إنّها الحلّ الجديد لمشروع أمركة العالم وتعميم النمط الليبرالي الغربي!
وفي ظلّ الممانعة التي تبديها المراكز الحضارية في العالم ، خاصّة العالم الإسلامي ، طلع علينا ـ صموئيل هينغنتون ـ بمقولة ـ صِدام الحضارات ـ وحتمية انتصار الحضارة الغربية.
كلّ هذا الجو المحموم من الحرب الفكرية والثقافية والنفسية المدعومة بأعتى وسائل الاتصال ، والتي أخذت بعداً عسكرياً خاصة بعد ١١ / أيلول حيث غَزَتْ الولايات المتحدة أكثر من دولة إسلامية بحجّة مكافحة الإرهاب والدفاع عن مكتسبات الحضارة والمدنية ، كلّ هذا الجو يدعو بقوّة لطرح رؤية إسلامية متكاملة للتاريخ وفلسفته من منظور قرآني يحدّد موقفاً واضحاً من كلّ هذه الإشكالات.