المرشد ـ ، ومن هنا بدأ نشاطه الدَعَوي ولاقت دعوته انتشاراً ونجاحاً.
ولماّ كانت الجانتية في جوهرها محاولة للخروج من تسلّط البراهمة لم يعترف ـ مهاويرا ـ بالآلهة؛ لأنّ هذا الاعتراف قد يؤدّي إلى إحداث طبقة جديدة أو كهنة جدّد يجعلون أنفسهم واسطة بين الناس وبين الآلهة ويخصّون أنفسهم بامتيازات معيّنة ، ولذلك سمّي دينه دين إلحاد ، وتعتقد الجينية أنّ كلّ موجود إنساناً كان أم نباتاً أم حيواناً يتركّب من جسم وروح ، وأنّ كلّ روح يجري فيها التناسخ ، وهنا تلتقي الجانتية مع الهندوسية.
ونتيجة لمسالمتهم ومبالغتهم في عدم العنف لدرجة أنّهم يمنعون من قتل الهوام والحشرات ، اعترفوا بآلهة الهندوس : براهما ، فشنو ، سيفا.
ومقابل ـ الانطلاق ـ كعنوان للخلاص لدى الهندوس نجد لديهم عنوان ـ النجاة ـ.
ومقابل ـ فشنو ـ المخلّص لدى الهندوس فإن المخلّص عند الجانتية هو ـ بارسفا ـ.
فما هي النجاة؟
للوصول إلى تخليص الروح من ـ الكارما ـ ـ الشهوات والميول ـ يظلّ الإنسان يولد ويموت حتّى تطهر نفسه وتنتهي رغباته ، حينئذٍ تقف دائرة عمله ومعها حياته المادية فيبقى روحاً خالداً في نعيم خالد ، وخلود الروح في النعيم بعد تخلّصها من المادة سمّي عند الجينين : النجاة ، وهو ما يعادل الانطلاق في الهندوسية ، والنرفانا في البوذية (١).
فالنجاة هي : تنزيه النفس عن الرغبات والشهوات للحيلولة دون تكرار الولادة ، ـ ولابدّ للنجاة من قهر جميع المشاعر والعواطف والحاجات ، ومؤدّى هذا ألاّ يحسّ
__________________
١ ـ أحمد شلبي ، ديانات الهند الكبرى ، ص ١٢٠.