وقيل : إنّها وصول الفرد إلى أعلى درجات الصفاء الروحي لتطهير النفس والقضاء على جميع الرغبات المادية ، ويصبح المقياس عندئذٍ : ـ كلّ من أراد أن ينقذ حياته عليه أن يخسرها ـ.
وقيل : إنّ النرفانا هي الاندماج في الإله والفناء فيه ـ في المرحلة التي كان يقول فيها بوذا بوجود إله ـ.
وقيل : إنّها إنقاذ الإنسان نفسه من الكارما ، وتكرار المولد بالقضاء على الرغبات ، والتوقّف عن عمل الخير والشرّ.
لقد واجه بوذا صعوبات في نشر تعاليمه؛ لأنّ تجربة الإشراق تجربة ذاتية داخلية يصعب تفسيرها للآخرين لمعرفة النفس ومعرفة طريق الخلاص.
ولمّا ترك بوذا منطقة الآلهة فارغة وأعرض عن الحديث عن الآلهة ، وبحكم الميل الفطري للناس إلى الإله ونزوع الهنود خصوصاً إلى تعدّد الآلهة ، فقد اتجه البعض إلى القول بأنّ بوذا هو تجلّي إلهي ، وقال بعضهم : إنّه تجسّد لفشنو إله البراهمة ـ كما ذكرنا ـ ، وفي مرحلة لاحقة لتطوّر البوذية ظهرت المهايانا ( النهج الكبير ) التي استطاعت أن تحتلّ عمقاً شعبياً بعد أن تجاوزت ضرورة حياة الأديرة ، وفسّرت النصوص الدينية بأقلّ صرامة وتشدّد.
وفي إطار المهايانا ظهر مفهوم البوذستفا : وهو يطلق على كلّ شخص يكون على أعتاب النرفانا ثمّ يؤجّل عامداً الدخول في حالة الغبطة النهائية ـ النرفانا ـ شفقة منه على جماهير الناس العاديين ، وبدلاً من أن يتحوّل إلى بوذا كامل فإنّه يظلّ مقيماً في العالم الزماني مكرّساً نفسه لخلاص الآخرين (١) ، ويعود الفضل إلى فكرة المخلّص البوذستفا BODHI ـ ATTVA في انتشار البوذية في الصين ، على الرغم من ازدراء الكونفوشية لكن ـ غالبية جماهير الشعب الصيني كانت على استعداد للترحيب بالتعاليم الجديدة
__________________
١ ـ المصدر نفسه ، ص ٢٣٨.