والنفسي للجماهير ، ونحن لا يمكننا في هذا المقام تقويم هذه الحركات وحقيقة ما ينسب إليها من أعمال مشينة فظيعة ، واعتقادات فاسدة باطلة بقدر ما يهمّنا إلى أي مدى تعكس هذه الجماعات الارتباط التاريخي بالمخلّص كثورة الزنج ، وثورة القرامطة ، وثورة الحشاشين.
ولم تنتفِ ظاهرة مدّعي المهدية في التاريخ الحديث أيضاً ، وبزغ أكثر من مصلح باسم المهدي ، ومع أنّهم لا يدينون بمذهب أهل البيت عليهمالسلام أشهر هؤلاء :
مهدي السنوسية : هو محمّد المهدي السنوسي ، ظهر في المغرب في القرن الثالث عشر للهجرة ، ولد سنة ١٢٧٠ هـ / ١٨٤٤ م ، وتوفي سنة ١٣٢٠ هـ / ١٩٠٢ م ، خلف أباه بعد موته وقويت طريقته في أيامه ، أقام زوايا كثيرة منتشرة في أماكن متعددة يبلغ عددها نحو / ٣٠٠ / زاوية من المغرب الأقصى إلى الهند ، ومن ودّاي إلى الأستانة وأكثرها في الصحراء الكبرى وشمال أفريقية ، ـ وكان في كلّ زاوية خليفة يدير شؤونها ويعلم أولاد الناس ويقتني الماشية ويشتغل بالزراعة ، يساعده المريدون ، وينفق على الزاوية ، وما يفيض عنه يرسله إلى الشيخ السنوسي ، فأصبح صاحب الترجمة أشبه بملك يجبى إليه الخراج ـ (١) ، قبل وفاته لمّح إلى أن المهدي المنتظر سيظهر قريباً وأن ظهوره سيكون في ختام القرن الثالث عشر الهجري ، وينقل أحمد أمين في كتابه المهدي والمهدية أنه رأى كتاباً عنوانه ـ الدرة الفردية في بيان الطريقة السنوسية ـ تدور مقدمته على إثبات أن السيد السنوسي هذا هو المهدي المبشّر به (٢).
المهدي السوداني : هو محمّد أحمد بن عبد الله ، ولد في جزيرة تابعة لدنقلة سنة ١٢٥٩ هـ / ١٨٤٣ م ، تلقّب بالمهدي المنتظر عام ١٨٨١ م ، وكتب إلى فقهاء السودان يدعوهم لنصرته ، وانتشر أتباعه ـ ويعرفون بالدراويش ـ بين القبائل يحضّون على الجهاد.
__________________
١ ـ خير الدين الزركلي ، الأعلام ، ج ٧ ، ص ٧٦.
٢ ـ أحمد أمين ، المهدي والمهدوية ، ص ٧٩.