له الأمور أبو عبد الله الشيعي ، وأسّس عبيد الله المهدي مدينة المهدية ، وشاد أركان الدولة الفاطمية ، ومن نسل عبيد الله كان المعزّ لدين الله الفاطمي الذي فتح مصر على يد جوهر الصقلي وسمّاها المعزّية ، وأسّسوا هناك حضارة عظيمة ـ وقد أقام الفاطميون حضارة عظيمة ونشروا فيها التشيّع وظلّوا قروناً حتّى أزال ملكهم صلاح الدين الأيوبي ـ (١).
ومن الدول التي قامت في المغرب كذلك باسم المهدي دولة الموحّدين ، تحت إمرة محمّد بن تومرت ، والتي انطلقت من الجبال البربرية جنوب المغرب الأقصى حوالي سنة ١١٣٠ م ، فبعد أن احتلّ الموحّدون المغرب الأقصى ومقاطعة تلمسان بين ١١٣٠ ـ ١١٤٧ م ، ثمّ المغرب الأوسط ، غزوا أفريقية واحتلّوا المهدية سنة ١١٦٠ م ـ وكان نتيجة ذلك دولة الموحّدين المشهورين في التاريخ ... فكانت هذه مملكة عظيمة من بركات المهدي المنتظر تشمل المغرب كلّه إلى حدود مصر والأندلس ، وكانت أيضاً دولة شيعية عظيمة تستند على فكرة المهدي ـ (٢) ، وفي عهد هذه الدولة ظهر الفيلسوفان المشهوران ـ ابن الطفيل ـ و ـ ابن رشد ـ ، وقد سمح للفلسفة بعد أن كانت محظورة في الأندلس.
وفي المشرق قامت ثورات عديدة رافعة لواء المهدي ، ولعلّ ذلك يعود إلى أنّه في العصور الأولى لم يكن لشعارات العدالة الاجتماعية ومقاومة الظلم صدى في النفوس إلا بمقدار ارتباطها بشعار ديني ، وهذا ما أكّده ابن خلدون حين ذهب إلى أنّ العرب أُمّة لا تنقاد إلا لرسالة دينية ونحوها.
لقد استفادت هذه الثورات من المفهوم العقائدي المتجذّر لدى الأُمّة ـ المهدي ـ عجل الله تعالى فرجه لتصعيد العمل الثوري ضدّ السلطات القائمة انطلاقاً من التردّي الاجتماعي
__________________
١ ـ المصدر نفسه ، ص ١٥.
٢ ـ المصدر نفسه ، ص ٣٧.