النزح أو قليلا ، ولا يعتبر فيه هاهنا بمقدار من النهار ولا بمن يستقى منه من الرجال. والماء الذي في الدلو الأخير من دلاء النزح محكوم بنجاسته والباقي بعده من ماء البئر طاهر ، والذي يقطر من الدلو نجس الا انه ما يتنجس به الباقي في البئر من الماء لأنه معفو عنه. والمعتبر في هذا الدلو ، المعتاد ، لا بما ذهب اليه قوم انه من دلاء هجر (١) أو بما يسع أربعين رطلا ، لان الخبر في ذلك لم يرد مقيدا.
واعلم ان مياه الحياض والغدران والقلبان (٢) وما جرى مجراها إذا تغير أحد أوصافها الثلاثة بنجاسة حكمنا بنجاستها على ما قدمناه ، فاذا زال هذا التغير بغير الماء الطاهر المطهر من الأجسام الطاهرة التي تختلط به ، أو بتصفيق الرياح له أو ما جرى مجرى ذلك ، لم يحكم بطهارته وكان نجسا.
وإذا كان مقدار الماء أقل من كر وهو نجس فتمم بطاهر حتى صار كرا ، أو كان طاهرا فتمم بنجس ولم يتغير أحد أوصافه التي هي الريح أو اللون أو الطعم ، كان طاهرا ، فان تغير بذلك أحد أوصافه كان نجسا ، وكذلك الحكم فيه إذا كان هذا المقدار نجسا وتمم بنجس فصار كرا بالجميع ، فإنه يحكم بطهارته ما لم يكن أحد أوصافه متغيرا بالنجاسة ، لقولهم صلوات الله عليهم : إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا (٣)
وقد كان الشيخ أبو جعفر الطوسي «ره» يذهب إلى نجاسة هذا الماء ، ويقوى القول بما ذكرناه في كثير من الأوقات ، وقد أشرنا إلى الوجه القوى لذلك في كتابنا الموسوم بـ « جواهر الفقه » فمن أراد الوقوف عليه نظره في ذلك الموضع
__________________
(١) وفي المدارك نقل عن بعض المتقدمين ان المراد بالدلو الهجرية التي وزنها ثلاثون رطلا أو أربعون ( راجع الجواهر ج ١ ص ٢٦٠ ) ، وهجر محركة : بلدة باليمن واسم لجميع ارض البحرين وقرية كانت قرب مدينة تنسب إليها القلال ، والقلة إناء للعرب
(٢) القلبان : جمع القليب بمعنى الحفيرة
(٣) المستدرك ج ١ الباب ٩ من أبواب الماء المطلق الحديث ٦ الا انه عن النبي (ص)