فقد دل ما أوردناه ـ من القران والخبر ـ على ان الله سبحانه فرض قتال أهل البغي ، وقد ذكرنا في باب من يجب جهاده من المراد بأهل البغي وقسمتهم ، فاذا اقتتلت طائفتان بكلام أو ما يجرى مجراه ولم يشهروا سلاحا أصلح بينهما بما يدعو إلى الألفة وما يعم النفع به وان بغت إحداهما على الأخرى وشهرت الظالمة السلاح على المظلومة ، وجب قتال الطائفة الباغية حتى تفيء إلى أمر الله سبحانه ، ووجب على المؤمنين إذا دعاهم الإمام الى ذلك واستعان بهم معاونته ومساعدته والخروج معه الى حربهم ، ولم يجز لأحد منهم التأخر عنه في ذلك
ولا فرق في وجوب قتال الباغية بين ان يكون باغية على طائفة من المؤمنين ، وبين ان يكون بغت على الامام اما في خلع طاعته أو منعه مما يجب له التصرف فيه من اقامة حدا وغيره أو ما جرى مجرى ذلك ، فان في كل ذلك يجب قتال هذه الباغية ، ولا يجوز لمن دعاه الإمام الى ذلك واستعان به في حربهم ، التخلف عنه كما قدمناه.
ولا ينبغي ان يبدوا بالحرب حتى يبدوهم بها ، ويجوز ان يدعوا قبل القتال إلى الحق وينذروا ، فان لم يجيبوا قوتلوا وان كانوا عارفين بما يدعوهم الإمام اليه ولم يدخلوا فيه ، جاز قتالهم من غير دعاء ولا إنذار.
ولا يجوز قتالهم الا مع الإمام أو مع من ينصبه لذلك ، وإذا بلغ ـ بعض خلفاء الامام على بعض المواضع ـ اجتماع قوم (١) على الخلاف والخروج على شق عصا المؤمنين (٢) لا يقاتلهم حتى يطلع الامام على أحوالهم ، وينتظر امره فيهم فمهما أمروا به (٣) انتهى اليه.
ويقاتل أهل البغي بكل ما يقاتل به المشركون ، وإذا انهزم عسكرهم وكان لهم فئة يرجعون إليها جاز اتباع مدبرهم وان يجهز على جريحهم ، وتغنم أموالهم التي في العسكر دون غيرها من أموالهم ولا تسبى ذراريهم.
وان لم يكن لهم فئة يرجعون إليها ، لم يتبع مدبرهم ولا يجهز جريهم ، فاما
__________________
(١) فاعل بلغ
(٢) في نسخة « المسلمين »
(٣) كذا في النسختين ولعلها تصحيف والصحيح « أمر به »