أموالهم فلا يغنم منها الا ما حواه العسكر دون ما سواه مما لم يحوه ، ولا تسبى ذراريهم ، وقد ذكرنا هذا التفصيل في باب من يجب جهاده عند قسمة أهل البغي.
وإذا أدرك المؤمن الباغي وظهر عليه وغشيه بسلاحه فسئل الأمان وأظهر التوبة والرجوع ، أو أقر بامامة الإمام الحق ، أو أظهر ما يكون بإظهاره مفارقا لما هو عليه ، لم يجز للمؤمن الذي ظهر عليه طعنة ولا ضربه ، وان كان جريحا لم يجهز عليه كما قدمناه.
وإذا عدل أهل البغي عند الظهور عليهم الى رفع المصاحف والدعاء الى حكم الله سبحانه وتعالى ، بعد ان كانوا دعوا الى ذلك ولم يجيبوا اليه لم يلتفت الى هذا الفعل منهم ولم يرفع الحرب عنهم الا برجوعهم إلى الحق.
وإذا أعانهم قوم من أهل الذمة على قتال أهل العدل لبرئت الذمة منهم ، ولا فرق في ذلك بين ان يكون لمن أعانوه من أهل البغي فئة وبين ان لا يكون لهم ذلك وقتلوا مقبلين ومدبرين (١) ، فان ادعوا الجهل بما جرى معهم وانهم أكرهوا على ذلك وأظهروا التوبة مما فعلوا ، عفى عنهم ولم يقتل لهم أسير ولا يسبى لهم ذرية.
وان كان ما ادعوه انما هو على وجه المدافعة وعرف منهم خلافه لم يلتفت الى قولهم في ذلك ومن أصاب منهم دم إنسان من أهل العدل أو ماله طولب بذلك ، ولا يجب على واحد من أهل العدل إذا أصاب شيئا من ذلك لأحد منهم.
وإذا كان رجل من أهل البغي قد استحق على رجل من أهل العدل قبل (٢) الفرقة ، حقا من قصاص أو أرش وطلب الحكم بينه وبينه من صاحب عسكر أهل العدل ، حكم بينهم في ذلك وامضى ما يجب لكل واحد منهما على الأخر ، فإن كان ما حكم به للباغي على العادل ما لا ينبغي ان يحكم له ولا يسلم اليه ، بل يجس
__________________
(١) يعنى لا يجري في حق أهل الذمة حكم البغاة وهو « قتل المقبل لا المدبر فيما إذا لم يكن لهم فئة » بل يقتلون مقبلين أو مدبرين.
(٢) اى قبل افتراقهم عن المؤمنين وعن الطريق الحق. وفي نسختين « قتل الفرقة » والظاهر انها تصحيف.