٢ وبالإضافة إلى ما يتمتّع به أبو الفضل العبّاس عليهالسلام من البطولات الرائعة ، فإنّه كان مثالاً للصفات الشريفة ، والنزعات العظيمة ، فقد تجسّدت فيه الشهامة والنبل والوفاء والمواساة ، فقد واسى أخاه أبا الأحرار الإمام الحسين عليهالسلام في أيام محنته الكبرى ، ففداه ووقاه بمهجته ، ومن المقطوع به أنّ تلك المواساة لا يقدر عليها إلّا من امتحن الله قلبه للإيمان ، وزاده هدىً .
٣ ومثّل أبو الفضل العبّاس عليهالسلام في سلوكه مع أخيه الإمام الحسين عليهالسلام حقيقة الاخوّة الإسلاميّة الصادقة ، وأبرز جميع قيمها ومُثلها ، فلم يبقَ لون من ألوان الأدب ، والبرّ والإحسان إلّا قدّمه له ، وكان من أروع ما قام به في ميادين المواساة له ، أنّه حينما استولى على الماء يوم الطفّ تناول منه غرفة ليشرب ، وكان قلبه الزاكي كصالية الغضا من شدّة الظمأ ، فتذكّر في تلك اللحظات الرهيبة عطش أخيه الإمام الحسين عليهالسلام وعطش الصبية من أهل البيت عليهمالسلام ، فدفعه شرف النفس ، وسموّ الذات إلى رمي الماء من يده ، ومواساتهم في هذه المحنة الحازبة .
تصفّحوا في تاريخ الاُمم والشعوب ، فهل تجدون مثل هذه الاخوّة الصادقة ؟!
انظروا في سجلّات نبلاء الدنيا ، فهل ترون مثل هذا النبل ، ومثل هذا الإيثار ؟!
الله أكبر ! أي رحمة مثل هذه الرحمة ، وأيّة مودّة مثل هذه المودّة !!
إنّ الإنسانيّة بجميع قيمها ومُثلها لتنحني إجلالاً وخضوعاً أمام أبي الفضل على ما أبداه من عظيم النبل لأخيه الإمام الحسين أبي الأحرار وسيّد الشهداء عليهالسلام .
٤
والشيء الذي يدعو إلى الاعتزاز بتضحية أبي الفضل عليهالسلام ونصرته لأخيه الإمام الحسين عليهالسلام ، أنّها لم تكن بدافع الاخوّة والرحم
الماسّة ، وغير ذلك من الاعتبارت السائدة بين الناس ، وإنّما كانت بدافع الإيمان الخالص لله ، ذلك الإيمان الذي تفاعل مع عواطف أبي الفضل ، وصار عنصراً من عناصره ، ومقوّماً