من مقوّماته ، وقد أدلى بذلك في رجزه حينما قطعت يمينه التي كانت تفيض برّاً وعطاءً للناس ، قائلاً :
وَاللهِ إنْ قَطَعتُمُ يَمِينِي |
|
إِنِّي أُحَامِي أَبَداً عَنْ دِينِي |
|
وَعَن إِمَامٍ صَادِقِ اليَقينِ |
|
إنّ الرجز في تلك العصور كان يمثّل الأهداف والمبادئ والقيم التي من أجلها يقاتل الشخص ويستشهد في سبيلها ، ورجز سيّدنا العبّاس عليهالسلام صريح واضح في أنّه إنّما يقاتل دفاعاً عن الدين ، ودفاعاً عن المبادئ الإسلاميّة الأصيلة التي تعرّضت إلى الخطر أيّام الحكم الأموي الأسود ، كما أنّه إنّما يقاتل دفاعاً عن إمام المسلمين ، سبط رسول الله وريحانته الإمام الحسين عليهالسلام ، المدافع الأوّل عن كرامة الإسلام .
فهذه هي العوامل التي دفعته إلى التضحية ، وليس هناك أي دافع آخر ، وهذا السرّ في جلال تضحيته ، وخلودها عبر القرون والأجيال .
٥ لقد استشهد أبو الفضل العبّاس عليهالسلام من أجل المبادئ العليا التي رفع شعارها أبو الأحرار أخوه الإمام الحسين عليهالسلام ، والتي كان من أهمّها أن يقيم في هذا المشرق حكم القرآن ، وينشر العدل بين الناس ، ويوزع عليهم خيرات الأرض ، فليست هي لقوم دون آخرين .
لقد استشهد أبو الفضل من أجل أن يعيد للإنسان المسلم حرّيّته وكرامته ، وينشر بين الناس رحمة الإسلام ، ونعمته الكبرى الهادفة لاستئصال الظلم والجور ، وبناء مجتمع لا ظلّ فيه لأيّ لون من ألوان الفزع والخوف .
لقد حمل أبو الفضل مشعل الحريّة والكرامة ، وقاد قوافل الشهداء إلى ساحات الشرف ، وميادين العزّة والنصر للاُمّة الإسلاميّة التي كانت ترزح تحت وطأة الظلم والجور .