واندفع ابن سعد قائلاً : لو كان الأمر لي لفعلت ، ولكن أميرك أبىٰ ذلك .
ولمّا أيقن أنّ القوم مصمّمون على حرب الإمام عزم على الالتحاق بمعسكر الإمام ، وقد سرت الرعدة بأوصاله ، فأنكر عليه ذلك زميله المهاجر بن أوس ، فقال له : والله ، إنّ أمرك لمريب ، والله ما رأيت منك في موقف قط مثل ما أراه الآن ، ولو قيل لي : من أشجع أهل الكوفة ؟ لما عدوتك .
وأعرب له الحرّ عمّا صمّم عليه قائلاً : إنّي والله أُخيّر نفسي بين الجنة والنار ، ولا أختار على الجنة شيئاً ولو قطّعت وأُحرقت .
وألوىٰ عنان فرسه نحو الإمام ، وكان مطرقاً برأسه إلى الأرض حياءً وندماً على ما صدر منه تجاه الإمام ، ولمّا دنا منه رفع صوته ودموعه تتبلور على خدّيه قائلاً : اللّهمّ إليك أُنيب ، فقد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد نبيك ، يا أبا عبد الله إنّي تائب فهل لي من توبة ؟
ونزل عن فرسه وأقبل يتضرّع ويتوسّل إلى الإمام ليمنحه التوبة قائلاً : جعلني الله فداك يا بن رسول الله ، أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع ، وجَعْجَعْتُ بك في هذا المكان ، ووالله الذي لا إله إلّا هو ما ظننت أنّ القوم يردّون عليك ما عرضت عليهم أبداً ، ولا يبلغون منك هذه المنزلة أبداً ، فقلت في نفسي : لا أُبالي أن أُطيع القوم في بعض أمرهم ، ولا يرون أنّي خرجت من طاعتهم ، وأمّا هم فيقبلون بعض ما تدعوهم إليه ، ووالله لو ظننت أنّهم لا يقبلون منك ما ركبتها منك ، وأنّي قد جئتك تائباً ممّا كان مني إلىٰ ربّي مواسياً لك بنفسي حتى أموت بين يديك أفترىٰ لي توبة ؟
واستبشر به الإمام ، ومنحه الرضا والعفو ، وقال له : نَعَمْ ، يَتُوبُ اللهُ عَلَيكَ وَيَغْفِرُ لَكَ .
وملأ الفرح قلب الحرّ
حينما فاز برضاء ريحانة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، واستأذنه أن ينصح