رسول الله صلىاللهعليهوآله ، والذبّ عن عقائل النبوّة ومخدّرات الرسالة .
وأوّل مَن تقدّم إلى البراز منهم شبيه رسول الله صلىاللهعليهوآله خَلقاً وخُلقاً ، عليّ الأكبر عليهالسلام ، فقد آثر الموت وسخر من الحياة في سبيل كرامته ، ولا يخضع لحكم الدعيّ بن الدعيّ ، ولما رآه الإمام أخذ يطيل النظر إليه ، وقد ذابت نفسه أسىً وحسرات ، وأشرف على الاحتضار ، فرفع شيبته الكريمة نحو السماء ، وراح يقول بحرارة وألم ممض :
اللّٰهُمَّ اشْهَدْ عَلَىٰ هٰؤُلَاءِ الْقَوْمِ فَقَدْ بَرَزَ إِلَيْهِمْ غُلَامٌ أَشْبَهُ النّاسِ بِرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله خَلْقاً وَخُلُقاً وَمَنْطِقاً ، وَكُنّا إِذا اشْتَقْنَا إِلىٰ رُؤْيَةِ نَبِيِّكِ نَظَرْنَا إِلَيْهِ . اللّٰهُمَّ امْنَعْهُمْ بَرَكاتِ الْأَرْضَ ، وَفَرِّقْهُمْ تَفْرِيقاً ، وَمَزِّقْهُمْ تَمْزِيقاً ، وَاجْعَلْهُمْ طَرائِقَ قِدَداً ، ولَا تُرْضِي الْوُلَاةَ عَنْهُمْ أَبَداً ، فَإِنَّهُمْ دَعَوْنا لِيَنْصِرُونا ، ثُمَّ عَدوا عَلَيْنا يُقاتِلُونَنا .
لقد تجسّدت صفات الرسول الأعظم النفسيّة والخُلقيّة بحفيده عليّ الأكبر عليهالسلام ، وأعظِم بهذه الثروة التي ملكها سليل هاشم وفخر عدنان ، وقد تقطّع قلب الإمام عليهالسلام على ولده ، فصاح بابن سعد :
ما لَكَ ؟! قَطَعَ اللهُ رَحِمَكَ ، وَلَا بارَكَ لَكَ فِي أَمْرِكَ ، وَسَلَّطَ عَلَيْكَ مَنْ يَذْبَحُكَ بَعْدِي عَلَىٰ فِراشِكَ ، كَما قَطَعْتَ رَحِمِي وَلَمْ تَحْفَظْ قَرابَتِي مِنْ رَسُولِ الله صلىاللهعليهوآله .
ثُمَّ تلا قوله تعالىٰ : ( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (١) . (٢)
وشيّع الإمام عليهالسلام فلذة كبده وهو غارق بالأسى والحسرات ، وخلفه عقائل النبوّة ،
__________________________
(١) آل عمران ٣ : ٣٣ و ٣٤ .
(٢) بحار الأنوار : ٤٥ : ٤٢ ـ ٤٣ . الفتوح : ٥ : ١١٤ . مقتل الحسين عليهالسلام / الخوارزمي : ٢ : ٣٠ .