وقال صلىاللهعليهوآله : مِنْ ها هُنا يَتَوَلَّدُ الشَّرُّ وأشار إلى بيتها ، وغير ذلك ممّا أثار عواطفها .
وثمّة سبب في كراهية عائشة للإمام ، وهو موقفه الصارم الذي وقفه تجاه بيعة أبيها أبي بكر ، ومقاطعته لانتخابه ، وشجبه لبيعته وبعد سقوط حكومة عثمان كانت تروم إرجاع الخلافة إلى قبيلتها تيم لتكون سياسة الدولة بجميع أجهزتها خاضعة لرغباتها وميولها ، وهي على يقين أنّ الخلافة إذا رجعت للإمام عليهالسلام فإنّها سوف تعامل كغيرها من عامة النّاس ، ولا تحظى بأية ميزة ، فإنّ جميع الشؤون السياسيّة والاقتصاديّة عند الإمام عليهالسلام لا بدّ أن تسير على وفق الكتاب والسنّة ، ولا مجال عنده للأهواء والعواطف ، وكانت عائشة تعرف ذلك جيّداً ، ولذا أعلنت العصيان والتمرّد على حكومته ، وقد انضمّ إليها كلّ من الزبير وطلحة والأمويّين وذوي الأطماع والمنحرفين عن الحقّ من القبائل القرشيّة الذين ناهضوا الدعوة الإسلاميّة من حين بزوغ نورها .
وعلى أي حال ، فقد كانت عائشة من أوثق الأسباب في الاطاحة بحكومة عثمان ، وقد أفتت بوجوب قتله ، ولمّا أيقنت بهلاكه خرجت إلى مكّة وهي تتطلّع إلى الأخبار ، فلمّا وافاها النبأ بقتله أعلنت فرحتها الكبرى ، ولكنّها لمّا فوجئت بالبيعة للإمام عليهالسلام انقلب وضعها رأساً على عقب ، وراحت تقول بحرارة : « قتل عثمان مظلوماً ، لأطلبنّ بدمه . . . » .
وأخذت تندب عثمان رياءً لا حقيقة ، وقد رفعت قميصه الملطّخ بدمه ، وجعلته شعاراً لتمرّدها على السلطة الشرعيّة التي أعلنت حقوق الإنسان ، وتبنّتْ مصالح المحرومين والمضطهدين ، والتي كانت امتداداً لحكومة الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله .
وعقدت عائشة في مكّة
الندوات مع أعضاء حزبها البارزين ، كطلحة والزبير ، وسائر الأمويّين ، وأخذت تتداول معهم الآراء أيّ بلد يغزونه ليشكّلوا فيه حكومة لهم ، وبعد التأمّل والنظر الدقيق في أحوال المناطق الإسلاميّة أجمع رأيهم على