أما طواف المتعة فوقته للمختار من حين يدخل المتمتع مكة إلى أن تغيب الشمس من يوم التروية ، وللمضطر إلى أن يبقى من غروب الشمس ما يدرك في مثله عرفة في آخر وقتها ، فمن فاته مختارا بطل حجه متمتعا ، وكان عليه قضاؤه من قابل إن كان فرضا ، وصار ما هو فيه حجة مفردة ، ولم يجز عنه طواف الحج ، بدليل إجماع الطائفة ، وطريقة الاحتياط تقتضي ما قلناه ، لأنه لا خلاف في براءة ذمة من طاف طواف المتعة ، وليس على قول من يقول : يجزي عن ذلك طواف الحج دليل ، وأيضا قوله تعالى (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ) (١) فأمر تعالى بإتمامهما جميعا ، ولكل واحد منهما أفعال مخصوصة ، فوجب بالظاهر تكميلها.
ويعارض المخالف بما روي من طرقهم من قوله عليهالسلام : من جمع الحج إلى العمرة ، فعليه طوافان (٢) ، وبما روي عن علي عليهالسلام أنه طاف طوافين ، وسعى سعيين ، لحجته وعمرته ، وقال : حججت مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فطاف طوافين وسعى سعيين لحجته وعمرته (٣) ومن فاته طواف المتعة مضطرا قضاه بعد فراغه من مناسك الحج ، ولا شيء عليه ، بدليل نفي الحرج في الدين.
وأما طواف الزيارة فركن من أركان الحج ، من تركه متعمدا فلا حج له بلا خلاف ، ومن تركه ناسيا قضاه وقت ذكره ، فإن لم يذكره حتى عاد إلى بلده ، لزمه قضاؤه من قابل بنفسه ، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط ، فإن لم يستطع استناب من يطوفه ، بدليل الإجماع المشار إليه وقوله تعالى (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٤).
__________________
(١) البقرة : ١٩٦.
(٢) لم نجد النص في المجامع الحديثية ومسانيد القوم نعم قريب منه ما نقله البيهقي في سننه : ٥ ـ ١٠٨ ونقله الشيخ في الخلاف كتاب الحج ، المسألة ١٤٨ كما في المتن.
(٣) لاحظ سنن الدار قطني ٢ ـ ٢٦٣ برقم ١٣٠ ـ ١٣٢ ، والبحر الزخار : ٢ ـ ٣٧٨.
(٤) الحج : ٧٨.