ها هنا ، ويعارض المخالف بما رووه من نهيه صلىاللهعليهوآلهوسلم عن بيع الإنسان ما ليس عنده (١) ، ومن قوله : لا بيع إلا فيما يملك (٢) ، ولم يفصل بين ما أجازه المالك وما لم يجزه.
وقد دخل فيما قلناه جواز بيع أم الولد إذا مات ولدها ، أو كان حيا وثمنها دينا على سيدها ، ولا يقدر على قضائه إلا ببيعها ، لأنها مملوكة للسيد بلا خلاف ، ولهذا جاز له وطؤها وعتقها ومكاتبتها وأخذ ما كاتبها عليه عوضا عن رقبتها ، ولهذا وجب على قاتلها قيمتها دون الدية ، فالأصل جواز بيعها لأنه في حكم الملك (٣) وإنما منعنا منه مع بقاء الولد وعدم الاستدانة لثمنها والعجز عن وفائه من غيرها ، لدليل ، وهو الإجماع على ذلك ، وبقينا فيما عدا هذا الموضع على حكم الأصل.
ويدل على ما قلناه بعد إجماع الطائفة ظاهر قوله تعالى (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) (٤). لأنه عام في أمهات الأولاد وغيرهن ، ولا يخرج من هذا الظاهر إلا ما أخرجه دليل قاطع ، وما يتعلق به المخالف في المنع من بيعهن ، أخبار آحاد لا يجوز العمل بها في الشريعة ، على ما بيناه فيما مضى ، ثم غاية ما يحصل بها غالب الظن ، وما هذه حاله لا يجوز الرجوع به عما يوجب العلم ، على أنها معارضة بأخبار مثلها واردة من طرقهم تقتضي جواز بيعهن ، وإذا تعارضت الأخبار سقط التعلق بها.
وقول من يقول منهم : إذا كان ولد هذه الأمة حرا ، وكان كالجزء منها ، فحريته متعدية إليها ، ظاهر البطلان ، لأن أول ما فيه أن يقال لهم : كيف ادعيتم
__________________
(١) سنن البيهقي : ٥ ـ ٢٦٧ و ٣١٧ و ٣٣٩ كتاب البيع ، ومسند أحمد : ٣ ـ ٤٠٢ و ٤٣٤.
(٢) سنن البيهقي : ٥ ـ ٣٤٠ ولاحظ جامع الأصول : ١ ـ ٣٨٠ ـ ٣٨٨ ، الباب الثاني في بيع ... ما لا يملك.
(٣) في الأصل : من حكم الملك.
(٤) البقرة : ٢٧٥.