إن حرية الولد تتعدى إلى الأم؟ ومن مذهبكم أن الأم لا تتبع الولد في الأحكام بل الولد هو الذي يتبعها ، ولهذا إذا أعتقت الأم عتق ما في بطنها ولا تعتق هي إذا عتق ، ثم يلزمهم (١) أن يعتق في الحال ، وفي تأخر العتق إلى موت السيد ما يبطل ما قالوه ، على أن من مذهب الشافعي أن من تزوج أمة ثم اشتراها بعد ما أولدها ، لم تتعد الحرية من الولد إليها ، بل هي أمة حتى تحمل منه وهي في ملكه (٢) فلا يصح له التعلق بذلك.
وقد دخل أيضا فيما قلناه جواز بيع المدبر بعد نقض تدبيره ـ إن كان تدبيره تطوعا ـ لأنه مملوك ، وتدبيره يجري مجرى الوصية ، وتغييرها جائز للموصي ما دام حيا ، وإن كان تدبيره واجبا ـ بأن يكون قضاء لنذر ـ لم يجز بيعه لأن ما هذه حاله لا يجوز نقضه ولا الرجوع فيه ، وجواز بيع المكاتب أيضا متى شرط عليه أنه إن عجز عن الأداء أو عن بعضه (٣) عاد رقا فعجز ، فأما إذا كوتب من غير شرط فإنه لا يجوز بيعه ، ويدل على ذلك كله الإجماع المشار إليه.
وقد دخل فيما أصلنا نفوذ بيع ما يصح بيعه إذا بيع معه في صفقة واحدة ما لا يجوز بيعه ، لأنه مملوك يصح بيعه منفردا بلا خلاف ، فمن أبطله في هذه الصورة فعليه الدليل ، ويدل على ذلك بعد إجماع الطائفة ظاهر قوله تعالى (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) (٤).
وقد دخل فيه أيضا جواز بيع المعقود عليه قبل قبضه من الثمن والمثمن معا ، وسواء في ذلك المنقول وغيره إلا أن يكون المبيع طعاما ، فإن بيعه قبل قبضه لا يجوز إجماعا ، ويدل على ما قلناه الإجماع المتكرر ودلالة الأصل وظاهر القرآن.
__________________
(١) في الأصل : ثم يلزمكم.
(٢) لاحظ المغني لابن قدامة والشرح الكبير : ١٢ ـ ٤٩٦ كتاب عتق أمهات الأولاد.
(٣) في «ج» و «س» : وعن بعضه.
(٤) البقرة : ٢٧٥.