ولذلك نهى أيضا عن بيع اللبن في الضرع ، والصوف على الظهر ، لأنهما مجهولان ، فإن تركا وتأخر أحدهما صار غير مقدور على تسليمهما لاختلاطهما بما يحدث بعدهما.
وللجهالة بالمبيع نهى صلىاللهعليهوآلهوسلم عن بيع الحصاة على أحد التأويلين ، وهو أن ينعقد البيع على ما تقع عليه الحصاة.
وللجهالة بالثمن والأجل أيضا نهى صلىاللهعليهوآلهوسلم عن بيعتين في بيعة ، نحو أنه يقول : بعتك كذا بدينار إلى شهر وبدينارين إلى شهرين ، فيقول المشتري : قد قبلت به.
واشترطنا أن يكون منتفعا به ، تحرزا مما لا منفعة فيه ، كالحشرات وغيرها. وقيدنا بكونها مباحة ، تحفظا من المنافع المحرمة ، ويدخل في ذلك كل نجس لا يمكن تطهيره إلا ما أخرجه الدليل ، من بيع الكلب المعلم للصيد ، والزيت النجس للاستصباح به تحت السماء ، وهو إجماع الطائفة.
ويحتج على من قال من المخالفين بجواز بيع الكلاب مطلقا ، وبيع سرقين (١) ما لا يؤكل لحمه ، وبيع الخمر بوكالة الذمي على بيعها ، بما رووه من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه (٢).
ويحتج على من منع من جواز بيع كلب الصيد والزيت النجس للاستصباح به ، بعموم الآيتين اللتين قدمناهما ، وبما رووه عن جابر (٣) من أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) كذا في الأصل و «ج» ولكن في «س» : «وبيع سرجين» وكلاهما بمعنى واحد. قال الفيومي : السرجين : الزبل ، كلمة أعجمية وأصلها سركين بالكاف فعربت إلى الجيم والقاف فيقال سرقين أيضا. المصباح المنير.
(٢) سنن الدار قطني : ٣ ـ ٧ برقم ٢٠ ومسند أحمد : ١ ـ ٢٩٣ ، ولفظ الحديث : إن الله عزوجل إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه وص ٣٢٢ مثله. ولاحظ جامع الأصول : ١ ـ ٣٧٩.
(٣) جابر بن عبد الله الأنصاري الخزرجي ، شهد بدرا وثماني عشرة غزوة مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وشهد صفين مع علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وحاله أشهر من أن يذكر ، مات سنة ٧٤ وقيل سنة ٧٧ ه ـ ، لاحظ أعيان الشيعة : ٤ ـ ٤٥ ، وأسد الغابة : ١ ـ ٢٥٦.