وإذا كان عليه دين اعتبر شرطان آخران :
أحدهما : اتفاق الحقين في الجنس والنوع والصفة ، لأن المحال عليه لا يلزمه أن يؤدي خلاف ما هو عليه.
والثاني : أن يكون الحق مما يصح أخذ البدل فيه قبل قبضه ، لأن ذلك في الحوالة وهذه حالها في معنى المعاوضة.
وإذا صحت الحوالة ، انتقل الحق إلى ذمة المحال عليه ، بلا خلاف إلا من زفر (١) لأنها مشتقة من التحويل ، وذلك لا يكون مع بقاء الحق في الذمة الأولى.
ولا يعود الحق إلى ذمة المحيل إذا جحد المحال عليه الحق وحلف عليه ، أو مات مفلسا ، أو أفلس وحجر الحاكم عليه ، لأنه لا دليل على عود الحق إليه بعد انتقاله عنه ، ولأن عوده إليه عند إعسار المحال عليه ، يبطل فائدة اشتراط ملاءته ، وقد بينا أن ذلك يشترط.
وإذا أحال المشتري البائع بالثمن ، ثم رد المبيع بالعيب ، بطلت الحوالة ، لأنها بحق البائع وهو الثمن ، وإذا بطل البيع سقط الثمن فبطلت ، فإن أحال البائع على المشتري بالثمن ثم رد المبيع بالعيب ، لم تبطل الحوالة ، لأنه تعلق به حق لغير المتعاقدين.
وإذا اختلفا فقال المحيل : وكلتك بلفظ الوكالة ، وقال المحال : بل أحلتني بلفظ الحوالة ، فالقول قول المحيل بلا خلاف ، لأنهما اختلفا في لفظه ، وهو أعرف به من غيره ، ولو كان النزاع بالعكس من ذلك ، كان القول قول المحال ، لأن الأصل بقاء حقه في ذمة المحيل.
__________________
(١) وهو زفر بن الهذيل بن قيس بن مسلم من بني العنبر أحد الفقهاء والزهاد ، تفقه وغلب عليه الرأي ، وهو أول من قدم البصرة برأي أبي حنيفة مات بالبصرة سنة ١٥٨ ه ـ لاحظ الفهرست لابن النديم : ٢٥٦ ولسان الميزان : ٢ ـ ٤٧٦.