ضمانهما لما كان بغير إذن لم يكن لهما الرجوع على المضمون عنه ، لأن ذلك لو كان لهما لم يكن في الضمان فائدة ، ولكان الدين باقيا على الميت كما كان.
ويصح ضمان الدين عن الميت المفلس ، لأنه لا مانع من ذلك ، ولأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أجاز الضمان مطلقا في الخبر المتقدم ، ولم يستفهم عن حال الميت.
وإذا تكفل ببدن إنسان ، وضمن إحضاره بشرط البقاء ، صح بلا خلاف ، إلا ما رواه المروزي (١) من قول آخر للشافعي (٢) ، وإذا طولب بإحضاره ، وهو حي ، فلم يحضره ، لزمه أداء ما يثبت عليه في قول من أجاز كفالة الأبدان ، وإن مات قبل ذلك بطلت الكفالة ، ولم يلزمه أداء شيء مما كان عليه ، بلا خلاف بين من أجاز هذه الكفالة إلا من مالك (٣) وابن سريج (٤).
ويدل على ذلك إجماع الطائفة ، لأن الأصل براءة الذمة ، وشغلها يحتاج إلى دليل ، وأيضا فهذه الكفالة إنما كانت ببدنه لا بما في ذمته ، ولا يجب عليه ما لم يتكفله ، ولو قال : إن لم آت به في وقت كذا فعلي ما يثبت عليه ، لزمه ذلك إذا لم يحضره ـ حيا كان أو ميتا ـ بدليل الإجماع المشار إليه ، ولأنه قد تكفل بما في ذمته ، فيلزمه أداؤه.
__________________
(١) إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم بن مطر أبو يعقوب الحنظلي المعروف بابن راهويه المروزي ، روى عن ابن عيينة وابن علية وجرير وحفص ابن غياث وغيرهم ، وروى عنه جماعة مات سنة ٢٣٨ ه ـ لاحظ تهذيب التهذيب : ١ ـ ٢١٦.
(٢) لاحظ المغني لابن قدامة : ٥ ـ ٩٥ وبداية المجتهد : ٢ ـ ٢٩٥.
(٣) لاحظ المغني لابن قدامة : ٥ ـ ١٠٥.
(٤) أحمد بن عمر بن سريج ، القاضي أبو العباس البغدادي ، فقيه الشافعية في عصره ، تفقه عند أبي القاسم الأنباطي وغيره ، مات سنة ٣٠٦ ه ـ في بغداد ، طبقات الشافعية : ١ ـ ٩٠ برقم ٣٥ ، والأعلام للزركلي : ١ ـ ١٨٥.