وابن حنبل (١) ويدل على صحته قوله تعالى (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) (٢) وقال حكاية عن إبليس (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (٣) ، فاستثنى من عباده «الغاوين» مرة ، و «المخلصين» أخرى ، ولا بد أن يكون أحد الفريقين أكثر من الآخر.
وإذا قال : علي كذا درهم ، بالرفع لزمه درهم ، لأن التقدير هو درهم ، أي الذي أقررت به درهم ، وإن قال : كذا درهم ، بالخفض ، لزمه مائة درهم ، لأن ذلك أقل عدد يخفض ما بعده ، ولا يلزم أن يكون إقرارا بدون الدرهم ، لأنه أقل ما يضاف إلى الدرهم ، لأن ذلك ليس بعدد صحيح ، وإنما هو كسور ، وإن قال : كذا درهما ، لزمه عشرون درهما ، لأنه أقل عدد ينتصب ما بعده.
وإن قال : كذا كذا درهما ، لزمه أحد عشر ، لأن ذلك أقل عددين ركبا وانتصب ما بعدهما ، وإن قال : كذا وكذا درهما ، كان إقرارا بأحد وعشرين ، لأن ذلك أقل عددين عطف أحدهما على الآخر وانتصب الدرهم بعدهما.
وإذا أقر بشيء وأضرب عنه واستدرك غيره ، فإن كان مشتملا على الأول ، بأن يكون من جنسه وزائدا عليه وغير متعين ، لزمه دون الأول ، كقوله : علي درهم لا بل درهمان ، وإن كان ناقصا عنه ، لزمه الأول دون الثاني ، كقوله : علي عشرة لا بل تسعة ، لأنه أقر بالعشرة ثم رجع عن بعضها فلم يصح رجوعه ، ويفارق ذلك ما إذا قال : له علي عشرة إلا درهما ، لأن عن التسعة عبارتين : أحدهما لفظ التسعة ،
__________________
(١) لاحظ المغني لابن قدامة : ٥ ـ ٣٠٢ كتاب الإقرار. وقال الشيخ في المبسوط : ٣ ـ ٨ : الاستثناء من الجمل جائز. ولا فرق بين أن يستثني الأقل ويبقى الأكثر وبين أن يستثني الأكثر ويبقى الأقل بلا خلاف إلا من ابن درستويه النحوي ، فإنه قال : لا يجوز استثناء الأكثر من الأقل ، وبه قال أحمد بن حنبل.
(٢) الحجر : ٤٢.
(٣) ص : ٨٢ و ٨٣.