والآخر لفظ العشرة ، مع استثناء الواحد ، فبأيهما أتى فقد عبر عن التسعة.
وإن كان ما استدركه من غير جنس الأول كقوله : علي درهم لا بل دينار ، أو قفيز حنطة لا بل قفيز شعير ، لزمه الأمران معا ، لأن ما استدركه لا يشتمل على الأول ، فلا يسقط برجوعه عنه ، وإن كان ما أقر به أولا وما استدركه متعينين (١) فبالإشارة إليهما أو بغيرهما (٢) مما يقتضي التعريف ، لزمه أيضا الأمران ، سواء كانا من جنس واحد ، أو من جنسين ، أو متساويين في المقدار ، أو مختلفين ، لأن أحدهما ـ والحال هذه ـ لا يدخل في الآخر ، فلا يقبل رجوعه عما أقر به أولا ، كقوله : هذا الدرهم لفلان لا بل هذا الدينار ، أو هذه الجملة من الدراهم لا بل هذه الأخرى.
وإذا قال : له علي ثوب في منديل ، لم يدخل المنديل في الإقرار ، لأنه يحتمل أن يريد في منديل لي ، ولا يلزم من الإقرار إلا المتعين دون المشكوك فيه ، لأن الأصل براءة الذمة ، وكذا القول في كل ما جرى هذا المجرى.
وإذا قال : له علي ألف درهم وديعة ، قبل منه ، لأن لفظة «علي» للإيجاب ، وكما يكون الحق في ذمته ، فيجب عليه تسليمه بإقراره ، كذلك يكون في يده فيجب عليه رده وتسليمه إلى المقر له بإقراره.
ولو ادعى التلف بعد الإقرار قبل ، لأنه لم يكذب إقراره ، وإنما ادعى تلف ما أقر به بعد ثبوته بإقراره ، بخلاف ما إذا ادعى التلف وقت الإقرار ، بأن يقول : كان عندي أنها باقية فأقررت لك بها وكانت تالفة في ذلك الوقت ، فإن ذلك لا يقبل منه ، لأنه يكذب إقراره المتقدم ، من حيث كان تلف الوديعة من غير تعد (٣) يسقط حق المودع.
__________________
(١) في «ج» و «س» معينين.
(٢) كذا في «ج» و «س» ، ولكن في الأصل : «أو بغيرها».
(٣) في «ج» : من غير تفريط.