القرآن ، وعدول عن الحقيقة فيها إلى المجاز ، ودخوله على البعض رجوع عن ظاهر واحد ، فكان أولى ، وإذا ثبت أن نقص البعض أولى ، ثبت أنه الذي عيناه ، لأن كل من قال بأحد الأمرين ، قال بالآخر ، والقول بأن المنقوص غيره مع القول بأن نقص البعض أولى ، خروج عن الإجماع.
والفرق بين ما نحن فيه وبين الديون على التركة ، أن الغرماء مستوون في وجوب استيفاء حقوقهم منها ، ولا مزية لبعضهم على بعض في ذلك ، وليس كذلك مسائل العول ، لأنا قد بينا أن في الورثة من لا يجوز أن ينقص عن سهمه ، وفيهم من هو أولى بالنقص من غيره ، فخالفت حالهم الغرماء.
ودعواهم على أمير المؤمنين عليهالسلام أنه كان يقول بالعول وروايتهم عنه أنه قال ـ بغير روية ، وقد سئل وهو على المنبر عن ابنتين وأبوين وزوجة ـ : صار ثمنها تسعا (١) ، غير صحيحة ، لأن ابنيه عليهماالسلام وشيعته أعلم بمذهبه من غيرهم ، وقد نقلوا عنه خلاف ذلك ، وابن عباس ما أخذ مذهبه في إبطال العول إلا عنه ، وقد روى المخالف عنه أنه قال : من شاء باهلته أن الذي أحصى رمل عالج ما جعل
__________________
(١) سنن الدار قطني : ٤ ـ ٦٩ كتاب الفرائض برقم ٥ ووسائل الشيعة : ١٧ ـ ٤٢٩ ب ٧ من أبواب موجبات الإرث ح ١٣ و ١٤ ونقله المجلسي ـ قدسسره ـ في بحار الأنوار : ٤٠ ـ ١٥٩ ، والشيخ في الخلاف ، كتاب الفرائض المسألة ٤٥ و ٨١ وقال في ذيل الرقم الأخير ما هذا نصه : والجواب عن ذلك من وجهين :
أحدهما : أن يكون خرج مخرج التقية ، لأنه كان يعلم من مذهب المتقدم عليه القول بالعول ، وتقرر ذلك في نفوس الناس ، فلم يمكنه إظهار خلافه ، كما لم يمكنه المظاهرة بكثير من مذاهبه ، ولأجل ذلك ، قال لقضاته وقد سألوه بم نحكم يا أمير المؤمنين؟ فقال : اقضوا بما كنتم تقضون حتى يكون الناس جماعة ، أو أموات كما مات أصحابي وقد روينا شرح هذا في كتابنا الكبير ، وما روى من تصريح أمير المؤمنين عليهالسلام بمذهبه لعمر ، وانه لم يقبل ذلك ، وعمل ما أراده.
والوجه الآخر : أن يكون ذلك خرج مخرج النكير لا الإخبار والحكم ، كما يقول الواحد منا إذا أحسن إلى غيره ، وقابله بالذم والإساءة فيقول : قد صار حسني قبيحا ، وليس يريد بذلك الخبر ، يريد الإنكار.