.................................................................................................
______________________________________________________
وسافر كان السفر بنفسه معصية يجب فيه التمام وإن أنكرنا قضيّة الاستلزام في تلك المسألة.
ويندفع بما هو المقرّر في محلّه (١) من عدم وجوب المقدّمة شرعاً وإن لزم الإتيان بها عقلاً من باب اللابدية ، فليس في البين إلّا وجوب واحد متعلّق بذيها ، أعني الذات المقيّدة وهي الصّلاة التامّة المشروطة بترك السفر ، وأمّا نفس القيد والشرط فلم يتعلّق به وجوب آخر ليحرم السفر ويندرج في سفر المعصية.
وانحلال النذر إلى النذرين غير قابل للتصديق فيما نحن فيه ، كيف ولازمه تعدّد الكفارة بترك الواجب المنذور ومقدّمته ، لتكرر الحنث ، وهو كما ترى. فنذر الإتيان بالصلاة لا ينحلّ إلى نذرها ونذر الوضوء المشروط به ، وليس في مخالفته إلّا كفارة واحدة بالضرورة ، كما ليس إلّا عقاب واحد ، فانّ الدخيل في النذر إنّما هو التقيّد لا ذات القيد. ولأجله لم يكن إلّا مخالفة واحدة ، وهي لا تستتبع إلّا كفارة واحدة وعقاباً واحداً كما عرفت.
إذن فترك السفر لا يكون متعلّقاً للنذر ليكون فعله محرّماً ، بل هو داخل في كبرى الاستلزام كما أثبته في المتن.
الجهة الثالثة : لو بنينا في تلك المسألة أعني مسألة استلزام السفر لترك الواجب على وجوب التمام ولو في خصوص ما قصد به الفرار عن أداء الواجب كما اختاره الماتن وقوّيناه ، فهل نقول به في المقام أيضاً؟
الظاهر هو العدم ، فيقصّر في المقام حتّى لو سافر بقصد مخالفة النذر ، لامتناع التمام ، إذ يلزم من وجوده عدمه ، ضرورة أنّه لو أتمّ من جهة كونه سفر المعصية فبالإتمام قد وفى بالنذر ، ومع الوفاء لا عصيان ، فلا موضوع للإتمام.
وبعبارة اخرى : لو أتمّ لم يخالف نذره ، وإذا لم يخالف لم يتّصف سفره بالمعصية
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ٤٣٨.