.................................................................................................
______________________________________________________
وعرفت أيضاً زوال حكم الوطنية بالانصراف والإعراض عن ذلك المحل الأصلي أو الاتخاذي ، سواء اتّخذ وطناً آخر غيره أم لم يتخذ بعدُ ، لانتفاء الحكم بانتفاء موضوعه فينقطع عنه الحكم ، ولا يكون المرور عليه بعد ذلك قاطعاً للسفر.
وهل هناك قسم آخر من الوطن كلّما دخل فيه المسافر أتم ، ولا ينافيه الإعراض ، أو أنّه منحصر في الأولين ولا ثالث؟
نسب إلى المشهور أنّ هناك قسماً ثالثاً أسموه بالوطن الشرعي ، وهو ما إذا كان له في بلد أو قرية ملك قد سكن فيه بعد أن اتخذه وطناً له دائماً ستّة أشهر ، ففي مثله يتم كلّما دخل فيه وإن أعرض عنه إلى أن يزول ملكه. هكذا نسب إلى المشهور ، صحّت النسبة أم لم تصح.
ولا بدّ لنا من مراجعة الأخبار والنظر في الروايات الواردة في المقام لنرى مدى دلالتها وما هو المستفاد منها ، فنقول ومنه الاستعانة :
الروايات الواردة في المقام كثيرة ومختلفة غاية الاختلاف ، فقد تضمّنت جملة منها وفيها الصحاح أنّ من كانت له ضيعة أو قرية يتم الصلاة متى دخلها وإن لم يستوطنها ، فجعل فيها مجرّد الملك مناطاً للإتمام.
وهذه الروايات على كثرتها إن كانت قابلة للتقييد بما دلّ على اعتبار الاستيطان بإقامة ستّة أشهر فهو ، وإلّا كما هو كذلك في بعضها فهي معارضة بطائفة أُخرى دلّت على لزوم التقصير في موردها كما ستعرف ، فلا بدّ من حملها على التقيّة ، لموافقتها مع العامّة (١) كما قيل ، أو طرحها لمخالفتها مع إطلاقات التقصير التي هي روايات متواترة وسالمة عمّا يصلح للتخصيص بعد ابتلاء المخصّص بالمعارض ، فيكون المرجع تلك الإطلاقات ، وتكون هذه الروايات
__________________
(١) المغني ٢ : ١٣٥ ، حلية العلماء ٢ : ٢٣٤ ، فتح العزيز ٤ : ٤٤٤.