.................................................................................................
______________________________________________________
والعمدة أنّ الرواية في حدّ نفسها ضعيفة من جهة الإرسال ، فهي مطروحة على كلّ حال. فلا ينبغي التأمّل في سقوط هذا القول ولزوم اعتبار حدّ الترخّص.
إنّما الكلام في بيان هذا الحدّ وتحقيق مقداره. المعروف والمشهور بين القدماء بل قيل بين القدماء والمتأخِّرين أنّه عبارة عن أحد الأمرين : من عدم سماع الأذان أو خفاء الجدران ، أي الاستتار عن البيوت بحيث لا يميّز بعضها عن بعض وإن رأى شبحاً منها.
ونسب إلى جماعة من المتأخِّرين اعتبار الأمرين معاً من الخفاء وعدم السماع.
ونسب إلى الشيخ الصدوق في كتاب المقنع اعتبار خفاء الجدران فقط (١). ونسب إلى الشيخ المفيد (٢) وسلار (٣) وجماعة اعتبار خفاء الأذان فقط. ففي المسألة وجوه وأقوال.
والذي ينبغي أن يقال أوّلاً : إنّ عنوان خفاء الجدران لم يرد بهذا اللّفظ في شيء من الروايات ، وإنّما هو مذكور في كلمات الفقهاء (قدس سرهم) فالتعبير لهم. وأمّا المذكور في الروايات فهو التواري عن البيوت كما في صحيحة محمد ابن مسلم (٤) أي تواري المسافر عن أهل البيوت بحيث لا يرونه.
ومن المعلوم أنّ معرفة هذا الأمر متعذّر بالإضافة إلى المسافر ، إذ لا طريق له إلى إحراز أنّهم يرونه أو لا يرونه ، ولأجل ذلك عبّر الفقهاء بلازم هذا الأمر وهو خفاء الجدران ، حيث إنّ المسافر إذا نظر إلى جدران البيوت فلم يرها وخفيت عنه يظهر له بوضوح أنّ أهل البيوت أيضاً لا يرونه ، وأنّه متستر
__________________
(١) المقنع : ١٢٥.
(٢) المقنعة : ٣٥٠.
(٣) المراسم : ٧٥.
(٤) الوسائل ٨ : ٤٧٠ / أبواب صلاة المسافر ب ٦ ح ١ ، وستأتي في ص ٢٠٥.