.................................................................................................
______________________________________________________
ومتوار عنهم ، لما بينهما من الملازمة ، فجعلوا هذا معرّفاً لذلك. ولا بأس به.
وعلى أي حال فيقع الكلام في أنّ هذين الأمرين أعني عدم سماع الأذان والتواري عن البيوت الذي معرّفة خفاء الجدران كما عرفت هل يعتبران معاً ، أو أحدهما مخيّراً ، أو معيّناً؟
قد وقع الخلاف في ذلك كما سمعت ، لأجل اختلاف الأخبار ، إذ هي بين ما اعتبر فيها التواري عن البيوت كما في صحيحة ابن مسلم المتقدّمة ، وبين ما اعتبر فيها عدم سماع الأذان كما في صحيحة ابن سنان ، قال : «سألته عن التقصير ، قال : إذا كنت في الموضع الذي تسمع فيه الأذان فأتمّ ، وإذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه الأذان فقصّر ، وإذا قدمت من سفرك فمثل ذلك» (١) ونحوها غيرها ممّا دلّت عليه مفهوماً ومنطوقاً ، أي من حيث القصر والتمام.
وقد أدرجوا المقام في باب الشرطيتين المتعارضتين ، ولأجله مثلوا في الأُصول بذلك ، حيث إنّ مفهوم قوله : إذا لم تسمع الأذان فقصّر ، عدم التقصير مع سماع الأذان ، سواء أخفيت الجدران أم لا ، كما أنّ مفهوم قوله : إذا خفيت الجدران فقصّر ، عدم التقصير مع عدم الخفاء ، سواء أسمع الأذان أم لا ، فتقع المعارضة بينهما لا محالة ، أي بين منطوق كلّ منهما ومفهوم الآخر.
فذكروا أنّ القاعدة هل تقتضي تقييد مفهوم كلّ منهما بمنطوق الآخر ، أم أنّها تقتضي تقييد منطوق كلّ منهما بمنطوق الآخر ، ليرجع المعنى إلى قولنا : إذا خفي الأذان وخفي الجدران فقصّر ، الذي لازمه اعتبار كلا الأمرين في التقصير ، لأجل رفع اليد عن إطلاق كلّ من المنطوقين.
ونظير ذلك ما ورد في تذكية الحيوان تارة ما مضمونه أنّه إذا تحرّكت الذبيحة
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٤٧٢ / أبواب صلاة المسافر ب ٦ ح ٣.