.................................................................................................
______________________________________________________
ما تكرّرت الإشارة إليها (١) من أنّ كلّ من حكم عليه بالتمام لجهة من الجهات لا يعود إلى القصر إلّا بسفر جديد وقصد مسافة مستأنفة ، والمقام من مصاديق هذه الكبرى ، فلا فرق بينه وبين قصد الإقامة في عدم انقلاب الحكم إلى القصر إلّا لدى قصد المسافة ولو ملفّقة ، لوحدة المناط واندراجهما تحت ضابط واحد حسبما عرفت.
هذا كلّه فيما إذا كان التردّد بعد بلوغ المسافة ولو ملفّقة ، وأمّا لو تردّد قبل أن يبلغها فقد ذكر في المتن أنّ حكمه التمام حين التردّد ، لرجوعه إلى التردّد في المسافرة وعدمها.
أقول : يتصوّر هذا على وجوه ، لا يبعد أن تكون عبارة المتن ناظرة إلى الأوّل منها :
أحدها : أن يتردّد بعد ما قطع مقداراً من الطريق في البقاء أو الذهاب أو العود إلى محلّه ، كما لو خرج من النجف قاصداً الحلّة وعند ما بلغ الكوفة تردّد في البقاء فيها أو الاسترسال في سفره أو الرجوع إلى وطنه. ولا ينبغي التأمل في الحكم بالتمام من لدن عروض التردّد ، إذ المعتبر في القصر الاستمرار في القصد والبقاء على نيّة السفر إلى نهاية المسافة ، الذي لا يجتمع مع فرض التردّد المزبور كما هو ظاهر.
ثانيها : أن يكون جازماً بالسفر وعازماً عليه ، فلا يحتمل العود إلى محلّه غير أنّه متردّد فعلاً في البقاء والخروج ، لحاجة دعته إلى التوقّف وقتاً ما من معالجة أو ملاقاة صديق ونحو ذلك ، ولا يدري أمد التوقّف وأنّه يوم أو يومان أو أكثر ، ولعلّه يطول ثلاثين يوماً ، فيحتمل بقاء الثلاثين من أوّل الأمر وحين عروض الترديد.
__________________
(١) منها ما تقدّم في ص ٨٢.