ولا فرق بين من كان عنده بعض الدواب يكريها إلى الأماكن القريبة من بلاده فكراها إلى غير ذلك من البلدان البعيدة وغيره (١)
______________________________________________________
الحكم أعم ، وذلك من أجل تضمّنها ذكر أشخاص لا يكون السفر إلّا مقدّمة لعملهم ، ولم يكن بنفسه عملاً لهم كالراعي ، فانّ شغله الرعي وطلب الماء والعشب للغنم ، ومكانه غالباً ولا سيما في القرى معيّن ، فيذهب كلّ يوم إلى ذلك المكان لأجل رعي غنمه ، كما يذهب الطبيب أو المعلّم إلى بلد خاص لطبابته ودراسته.
وكذا الاشتقان ، فإنّه على ما فسّرناه يقصد بسفره أمارة البيادر وحفظها والنظر عليها ، فليس السفر بنفسه شغلاً لا للراعي ولا للاشتقان ، بل هو مقدّمة للعمل ، ومع ذلك نرى أنّ الإمام (عليه السلام) يطلق على هؤلاء بأنّ السفر عمل لهم ، ويعلّل التمام بذلك. فيعلم منه بوضوح أنّه (عليه السلام) وسّع موضوع حكم التمام وجعله شاملاً لما كان السفر مقدّمة للعمل ، من دون أن يقتصر على ما كان بنفسه عملاً.
وبالجملة : ما هو الفرق بين الراعي الذي يبحث عن العشب ليرعى غنمه ويعود ليلاً إلى بلده ، وبين الطبيب الذي يخرج إلى مكان طبابته كلّ يوم ويعود؟ فإنّهما يشتركان بالضرورة في أنّ شغلهم في السفر ، لا أنّ شغلهم السفر. فالحكم بالتمام يعمّهما بمناط واحد حسبما عرفت.
(١) لا ريب في وجوب البقاء على التمام مع تحقّق المسافة الشرعية بالسفر الذي هو شغله أو مقدّمة لشغله وقد سافر بهذا العنوان إلى البلدان البعيدة كالمكاري الذي يكري دابته أو سيارته ما بين النجف وكربلاء فاتّفق أن أكراها إلى البصرة أو الحجّ فسافر إلى تلك البلاد النائية بعنوان كونه مكارياً ، فلا يلزم انحفاظ شخص السفر ، بل يبقى على التمام وإن تبدّل القريب بالبعيد أو بالعكس