الترخّص قصراً (١) ثمّ وصل إلى ما دونه ، فان كان بعد بلوغ المسافة فلا
______________________________________________________
فلا ينبغي الشك في أنّ هذا المقدار من الذهاب المتعقّب بالرجوع ملغى ، لعدم كونه من السير المعتبر في تحقّق المسافة على ما بيّناه سابقاً (١) من لزوم كون السير بعداً امتدادياً ، غير الصادق على الذهاب بعد فرض تعقّبه بالإياب. فلا جرم يسقط هذا المقدار عن الاحتساب.
ولكن الظاهر عدم سقوطه مطلقاً ، بل الساقط خصوص الذهاب فقط دون الرجوع ، فلو فرضنا أنّه ذهب إلى الكوفة من طريق ثمّ رجع من طريق آخر إلى ما دون حدّ الترخّص من النجف قاصداً به مكاناً من الأمكنة كالذهاب إلى كربلاء ، وقد قصد السفر من نفس محلّ الرجوع فلما ذا لا يحسب هذا من المسافة مع عدم الموجب لإلغائه بوجه.
والمتحصّل من جميع ما ذكرناه : أنّ رجوعه إن كان سفرياً أي واقعاً في طريقه وسفره من أجل اعوجاج الطريق وانحرافه فحينئذ يحسب الذهاب والإياب معاً ، كما لو خرج من النجف قاصداً كربلاء ولكن الطريق العادي المستقيم كان مسدوداً لمانع من الموانع فذهب إلى الكوفة ومنها إلى السّهلة ورجع منها إلى خارج النجف المحل المُعد للبنزين ثمّ توجّه نحو كربلاء ، فإنّه لا موجب لإلغاء هذا المقدار من السير ، بل الذهاب والإياب كلاهما محسوبان من المسافة بعد ما عرفت من عدم اعتبار استقامة الطريق.
وأمّا إن كان الرجوع لا لأجل الاعوجاج فطبعاً يسقط الذهاب ويلغى كما عرفت ، دون الرجوع ، بل يكون مبدأ سفره من حين ما يرجع في المثال المتقدّم.
(١) الرابعة : لو قصّر في المورد الذي لا يكون محكوماً بالقصر كالذهاب في
__________________
(١) في ص ٧ ، ٣٩.