.................................................................................................
______________________________________________________
بأحد أمرين :
أحدهما : ما كان مقراً له ومسكنه الأصلي ومسقط رأسه باعتبار تبعيّته لأبويه ، فهو محلّه أباً عن جد ، ولا يعد غريباً في هذا المكان بوجه.
ثانيهما : ما كان كذلك بالاتخاذ ، بأن انتقل عن مقره الأصلي واتّخذ مكاناً آخر مقرّاً ومسكناً دائميّاً له فأصبح وطناً له بالاتخاذ ، فانّ معنى وطن أي أقام وسكن ، فهذا أيضاً وطن ، غايته أنّ الأوّل وطن أصلي وهذا وطن اتخاذي.
وهل يعتبر في الوطن الاتخاذي نيّة البقاء إلى الأبد وما دام العمر ، أو يكفي قصد ذلك مدّة طويلة كثلاثين أو عشرين بل عشر سنين مثلاً؟ فيه كلام سنتعرّض له عند تعرّض الماتن له فيما بعد (١) ، وستعرف أنّ الأظهر عدم اعتبار نيّة الدوام وإن نسب ذلك إلى المشهور ، بل يكفي في وجوب التمام البقاء بمقدار لا يصدق عليه عنوان المسافر عرفاً.
وكيف ما كان ، فلا إشكال في أنّه متى صدق عليه أنّ هذا وطنه ومسكنه لحقه حكمه ، سواء أكان ذلك بالأصالة ومستنداً إلى التبعية والوراثة أم كان بالجعل والاتخاذ.
وهل يعتبر الملك في الوطن الاتخاذي بأن تكون له دار يسكن فيها ، أو يكفي مجرّد السكنى سواء أكان بايجار ، أو رعاية ، أو وقف كما في المدارس ، أو كان ضيفاً على أحد ونحو ذلك من أنحاء السكونة؟
الظاهر بل المقطوع به عدم اعتبار الملكية ، لعدم الدليل عليه ، بل الدليل على عدمه ، وهو إطلاق الروايات ، فإنّ العبرة بصدق الوطن ، غير الدائر مدار الملك بالضرورة.
__________________
(١) في ص ٢٥٧.