والمدار على صدق اتخاذ السفر عملاً له عرفاً (١) ولو كان في سفرة واحدة لطولها وتكرّر ذلك منه من مكان غير بلده إلى مكان آخر ، فلا يعتبر تحقّق الكثرة بتعدّد السفر ثلاث مرّات أو مرّتين ، فمع الصدق في أثناء السفر الواحد أيضاً يلحق الحكم وهو وجوب الإتمام ، نعم إذا لم يتحقّق الصدق إلّا بالتعدّد يعتبر ذلك.
______________________________________________________
فيستكشف من هذه القرينة العامّة التي تكرّرت الإشارة إليها في مطاوي هذا الشرح وتمسّكنا بها في كثير من المقامات عدم ثبوت القصر للمكاري المزبور. إذن لا بدّ من ردّ علم هذه الروايات إلى أهله ، أو حملها على بعض المحامل المتقدّمة.
ولا ينافي هذا ما هو المعلوم من مسلكنا من عدم سقوط الصحيح بالإعراض عن درجة الاعتبار ، لعدم اندراج المقام تحت هذه الكبرى ، بل مندرجة تحت تلك الكبرى المشار إليها آنفاً بعد كون المسألة عامّة البلوى وكثيرة الدوران حسبما عرفت.
(١) قد عرفت أنّ من عمله السفر محكوم بالتمام ، وإنّما الكلام في محقّق هذا العنوان وأنّه هل ينوط بتكرّر السفر للعمل مرّتين أو ثلاث ، أو لا هذا ولا ذاك ، بل يدور مدار الصدق العرفي ولو كان ذلك في سفرة واحدة؟
احتمل الشهيد الثاني التكرار إلى ثلاث سفرات ، فلا يتم قبلها كما لا يقصّر بعدها ، مستدلّاً عليه بانصراف النصوص إلى الغالب المتعارف وهو هذا المقدار (١). وفيه : منع الانصراف المدّعى كما لا يخفى.
__________________
(١) الروض : ٣٨٩ السطر ١٨.