.................................................................................................
______________________________________________________
وغيرهم ، نظراً إلى صحّة أسانيدها ووضوح الدلالة فيها ، فلا وجه لطرحها أو صرفها عن ظهورها.
وما المانع من الالتزام بالتخفيف في حقّ مثل هذا الشخص الذي يجدّ في سيره أي يسرع زائداً على المقدار المتعارف ويقع من أجله في كلفة ومشقّة ، فكأنّ الشارع راعى حال هذا المتكلّف ، حيث إنّ المكاري كان بمنزلة مَن بيتُه معه ولأجله يتم ، ولكن إذا صادف مثل هذه الكيفية من السير يتسامح في حقّه بالترخّص. فتكون هذه الروايات مخصّصة لأدلّة التماميّة المفروضة على المكاري هذا.
ولكن الظاهر أنّه لا سبيل للأخذ بهذه النصوص رغم صحّة أسانيدها لمهجوريتها عند الأصحاب ، وعدم العامل بها إلى زمان صاحب المدارك والمعالم وبعدهما المحقّق الكاشاني (١) وصاحب الحدائق ، حتّى أنّ الكليني لم يعتن بها ولم يذكر شيئاً منها ، بل أشار إليها بقوله : وفي رواية أنّ «المكاري إذا جدّ به السير ...» إلخ ، المشعر بالتمريض والتوقّف وأنّها موهونة عنده ، وإلّا كان عليه أن يذكرها ولا سيما مع صحّة أسانيدها. فيفهم من التعبير عدم اعتنائه بشأنها هذا.
والمسألة كثيرة الدوران ومحلّ للابتلاء غالباً ، حتّى أنّ بعض أصحاب الأئمّة (عليه السلام) كان شغله ذلك كصفوان الجمال ، فلو كان القصر ثابتاً للمكاري المجدّ في السير لاشتهر وبان وشاع وذاع وكان من الواضحات ، كيف ولا قائل به إلى زمان صاحب المدارك كما عرفت.
__________________
(١) مفاتيح الشرائع ١ : ٢٤.