.................................................................................................
______________________________________________________
والمتحصّل من جميع ما قدّمناه : أنّه لم توجد هناك رواية معتبرة تدلّ على التمام في محلّ الكلام ، لتقع المعارضة بينها وبين أخبار عرفات وغيرها ممّا دلّ على لزوم التقصير ليتصدّى للعلاج. فالصحيح أنّ القول بالتمام ممّا لا أساس له بل الأمر دائر بين التقصير أو التخيير.
بقي شيء وهو أنّ القائل بالتمام قد يدّعي أنّ أخبار عرفات معرض عنها بين الأصحاب ، لعدم التزامهم بمضمونها من الحكم بالقصر ، فتسقط عن الحجّية فتبقى أخبار التمام سليمة عن المعارض.
وفيه أوّلاً : أنّ الإعراض لا يوجب سقوط الصحيح عن الحجّية كما حقّقناه في محلّه (١) ولا سيما في مثل المقام ، فانّ تلك الأخبار كثيرة صحاح متظافرة ، بل ادّعى بعضهم تواترها إجمالاً بحيث يقطع بصدور بعضها عن المعصوم (عليه السلام).
وثانياً : أنّ الأصحاب لم يعرضوا عن تلك الأخبار ، بل حملوها على الوجوب التخييري ، لزعم المعارضة بينها وبين أخبار التمام كما ذكرناه ، فرفعوا اليد عن إطلاقها لا عن أصلها كما لا يخفى.
وأمّا القول بالتخيير : فمبني على أحد أمرين على سبيل منع الخلو :
أحدهما : دعوى تمامية الروايات المستدلّ بها على التمام ومعارضتها مع أخبار عرفات ، والجمع بينها بالحمل على التخيير بعد سقوط الإطلاق من الطرفين كما مرّ.
ولكنّه مبني على وجود رواية معتبرة دالّة على التمام في قاصد الرجوع لغير يومه ، وهي مفقودة كما عرفت. فأخبار عرفات لا معارض لها.
__________________
(١) مصباح الأُصول ٢ : ٢٠٣.