.................................................................................................
______________________________________________________
كما حرّر في الأُصول (١) ، فكلتاهما تدلّان على الوجوب بالمطابقة ، ولا معارضة بينهما في هذه الدلالة ، وإنّما تتعارضان في الدلالة الالتزامية المستفادة من الإطلاق ، وهي الدلالة على كون الوجوب تعيينياً ، فيرفع اليد عن كلّ منهما من أجل المعارضة ، ونتيجته الحمل على الوجوب التخييري.
وعلى الجملة : فلا تعارض بين نفس الروايتين ليلتزم بالتساقط ويرجع إلى أصالة التمام ، بل بين الإطلاقين ، ومقتضى الصناعة ارتكاب التقييد المستوجب للحمل على التخيير كما عرفت.
وثالثاً : أنّ هذه الرواية رواية عبد الرحمن بن الحجاج ضعيفة السند وإن عبّر عنها بالصحيحة في كلمات غير واحد ، لضعف طريق (٢) الشيخ إلى علي بن الحسن بن فضال بعلي بن محمد بن الزبير (٣) ، فإنّه لم يوثّق. وكأنّ التعبير المزبور ناشٍ عن ملاحظة ظاهر السند ، حيث إنّه سند عال ، مع الغفلة عن التدقيق في طريق الشيخ إلى ابن فضال ، فانّ الفصل بينهما يقرب من مائتي سنة ، فلا يمكن روايته عنه بلا واسطة ، وفي الطريق من عرفت. فلا جرم تكون الرواية محكومة بالضعف.
فما ذكرناه من المعارضة وسقوط الإطلاقين مبني على تسليم صحّة الرواية وإلّا فهي ضعيفة لا يعتنى بها في نفسها ، فلا تصل النوبة إلى المعارضة ، بل المتبع موثّقة ابن بكير السليمة عن المعارض ، الصريحة في تحتّم التقصير ، الموافقة مع أخبار عرفات.
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ٢٠١.
(٢) هكذا أفاد (دام ظلّه) سابقاً ، ولكنّه بنى أخيراً على صحّته لوجود طريق آخر معتبر للنجاشي بعد فرض وحدة الشيخ حسبما أوعز إليه في معجم رجال الحديث ١ : ٧٨.
(٣) الفهرست : ٩٢ / ٣٨١.