[٢٢٦٠] مسألة ٢٩ : التابع للجائر إذا كان مجبوراً (١) أو مكرهاً على ذلك ، أو كان قصده دفع مظلمة أو نحوها من الأغراض الصحيحة المباحة أو الراجحة قصّر ، وأمّا إذا لم يكن كذلك بأن كان مختاراً وكانت تبعيّته إعانة للجائر في جوره وجب عليه التمام وإن كان سفر الجائر طاعة ، فإنّ التابع حينئذ يتمّ مع أنّ المتبوع يقصّر.
______________________________________________________
وعلى الجملة : فهما عنوانان متغايران مأخوذان من مقولتين متباينتين ، فلا انطباق ولا اتحاد ، بل مجرّد التقارن والتلازم ، ولا يسري حكم الملازم إلى صاحبه.
وأوضح حالاً مقارنة اللباس المغصوب مع المسافر ، أو حمل شيء مغصوب معه ، فانّ هذا أجنبي عن مفهوم السفر بالكلّية ، فهو كالنظر إلى الأجنبية ، لا دخل له في الحقيقة بوجه ، ولا يرتبط بالسفر بتاتاً. فما يتحقّق به السفر مباح وسائغ وإن قورن بنقل مال الغير معه غصباً.
وأوضح مثال لذلك ما لو سافر مع صديق له يروي له قصصاً مكذوبة ، فهل يكون السفر محرّماً بذلك؟
وكلّ هذا يختلف عمّا لو كان السفر بنفسه مضرّاً للبدن ، فإنّه يكون محرّماً لانطباقه على نفس السفر ، بخلاف حمل المغصوب أو ركوبه أو الدخول في الأرض المغصوبة ، فإنّ ذلك كلّه أجنبي عن حقيقة السفر التي هي الابتعاد عن الوطن ولذلك وجب التمام في الأوّل دون الثاني حسبما عرفت.
(١) أي مضطرّاً إلى ذلك كما لو توقّفت معيشته على تبعيته ولم تكن له مندوحة أو كان مكرهاً ، أو كان من قصده دفع المظلمة كما كان موقف علي بن يقطين مع طاغوت عصره ، فإنّه يقصّر حينئذ ، لعدم كون سفره معصية لا بنفسه ولا بغايته كما هو ظاهر.