.................................................................................................
______________________________________________________
وعليه فالطائفة الاولى لو لم يمكن تقييدها بما سيجيء من إقامة ستة أشهر كما سمعت أمّا محمولة على التقيّة أو مطروحة بعد الابتلاء بالمعارض والمخالفة مع السنّة القطعية ، وهي الروايات المتواترة الدالّة على وجوب القصر لكلّ مسافر كما عرفت.
ومن ذلك يظهر الحال في موثّقة عمار التي جعل فيها المدار على مطلق الملك وإن لم يكن قابلاً للسكنى كنخلة واحدة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) : «في الرجل يخرج في سفر فيمرّ بقرية له أو دار فينزل فيها ، قال : يتم الصلاة ولو لم يكن له إلّا نخلة واحدة ، ولا يقصّر ، وليصم إذا حضره الصوم وهو فيها» (١).
فاتّضح من جميع ما ذكرناه لحد الآن أنّه إذا أعرض عن وطنه ولم يكن فيه ملك أصلاً ، أو كان ولم يكن قابلاً للسكنى ، أو كان ولكن لم يسكن فيه ستة أشهر لم يثبت التمام في شيء من ذلك ، عملاً بإطلاقات التقصير السليمة عما يصلح للتخصيص.
إنّما الكلام في صورة واحدة حكم المشهور فيها بالإتمام حتّى بعد الإعراض وأسموها بالوطن الشرعي ، وهي ما لو كان له ملك قد سكنه ستة أشهر بقصد التوطّن الأبدي ، فإنّه يتم كلّما دخله وإن لم يقم عشرة أيام ما دام الملك باقياً.
ويستدلّ له بصحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن (عليه السلام) قال : «سألته عن الرجل يقصّر في ضيعته ، فقال : لا بأس ما لم ينو مقام عشرة أيام ، إلّا أن يكون له فيها منزل يستوطنه ، فقلت : ما الاستيطان؟ فقال : أن يكون فيها منزل يقيم فيه ستة أشهر ، فإذا كان كذلك يتم فيها متى دخلها» (٢).
وهذه الصحيحة هي عمدة مستند المشهور ، حيث تضمّنت تفسير الاستيطان
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٤٩٣ / أبواب صلاة المسافر ب ١٤ ح ٥.
(٢) الوسائل ٨ : ٤٩٤ / أبواب صلاة المسافر ب ١٤ ح ١١.