.................................................................................................
______________________________________________________
شمول جميع أحكام الوطن وجريانها على المقيم عشرة ، التي منها اعتبار حدّ الترخّص.
ولكن قد مرّ الكلام حول هذه الصحيحة سابقاً (١) ، وقلنا أنّها مهجورة لا يمكن العمل بها حتّى في موردها وهو مكّة فضلاً عن التعدِّي إلى غيرها ، لتضمّنها ما لم يقل به أحد من الأصحاب ، حيث حكم (عليه السلام) أوّلاً بالتقصير إذا خرج إلى منى ، وهذا ظاهر ، لكونه قاصداً لعرفات التي هي مسافة شرعية ، وأمّا حكمه (عليه السلام) بالتمام لدى عوده إلى مكة وكذا في رجوعه إلى منى حتّى ينفر ، الذي هو بمقدار فرسخ فلم ينقل القول به عن أحد ، إذ بعد السفر عن مكّة يسقط حكم الإقامة ، لما عرفت من أنّ الفصل بين مكّة ومنى فرسخ واحد ، ومحلّ الإقامة إنّما يكون بمنزلة مكّة ما دام مقيماً لا بعد الخروج وإنشاء السفر ثمّ العود إليه. فالرواية مهجورة.
وعلى تقدير العمل بها لكونها صحيحة يقتصر على موردها وهو مكّة فيلتزم بأنّ المقيم فيها بمنزلة أهلها من جميع الجهات ، فبأي دليل يتعدّى عنها إلى غيرها ، ولا بدّ في الحكم المخالف لمقتضى القاعدة من الاقتصار على مورد النص.
فالمتحصّل من جميع ما ذكرناه : أنّه ليس لدينا أيّ دليل يدلّ على اعتبار حدّ الترخّص في محلّ الإقامة كي يرتكب التخصيص في أدلّة القصر ، لاختصاص الأدلّة من صحيح ابن مسلم وغيره بمن ينشئ السفر ، الذي هو خاص بالوطن فيرجع فيما عداه إلى عمومات القصر على كلّ مسافر ، الصادق بمجرّد الخروج من محلّ الإقامة وإن لم يبلغ حدّ الترخّص. هذا كلّه في الخروج من محلّ الإقامة.
وأمّا المقام الثاني : أعني الرجوع والدخول فيه فأظهر حالاً ، إذ لا دليل
__________________
(١) في ص ٩١.