.................................................................................................
______________________________________________________
اعتبار الأمرين معاً ، فانّ هذا بلا موجب كما عرفت.
ولكن هذا أعني تقييد مفهوم كلّ منهما بمنطوق الآخر ، وبيان أنّه لا معارضة إلّا بالإطلاق والتقييد إنّما يتّجه فيما إذا كانت القضيتان مسوقتين لبيان موضوع الحكم كما في مثال الذبيحة المتقدّم ، حيث أُنيطت الحلّية في أحد الدليلين بإراقة الدم الكثير ، وفي الآخر بحركة الذبيحة كما ورد ذلك عن علي (عليه السلام) فجعل موضوع التذكية في أحدهما الإراقة وفي الآخر الحركة ، فتقع المعارضة حينئذ بين منطوق كلّ منهما ومفهوم الآخر ، فيجري الكلام المتقدّم من التقييد بـ (أو) أو بالواو على النحو الذي عرفت.
وأمّا إذا فرضنا أنّ المذكور في الشرطيتين لم يكن بنفسه موضوعاً للحكم وإنّما هو بيان ومعرّف لحدّ يكون هو الموضوع واقعاً كما هو الحال في المقام فلا يجري فيه ما ذكر.
وبيانه : أنّ الأخبار تشير إلى بيان حدّ خاصّ من الابتعاد يكون هو المبدأ للتقصير والإفطار ، فانّ مبدأ احتساب المسافة وإن كان هو البلد نفسه كما تقدّم ويتّصف المسافر بكونه مسافراً من لدن خروجه عن البلد ، حيث إنّه مسافر حينئذ حقيقة ، إذ السفر هو البروز والظهور عن البلد ، وهذا قد برز وخرج ، إلّا أنّ فعلية الحكم المزبور منوطة ببلوغه مقداراً خاصاً من البعد ، وكأنّه من أجل أنّ توابع البلد ملحق به ، فلا يقصّر إلّا لدى الابتعاد عن البلد ونواحيه بحيث ينقطع عن البلد رأساً ، فحدّد له حدّ خاصّ من البعد.
فالنصوص مسوقة لبيان كمّية البعد ، وجعل الخفاء أو عدم السماع علامة وكاشفاً عن بلوغ تلك الكمّية ، وإلّا فسماع الأذان أو خفاء الجدران لا خصوصية ولا موضوعية لشيء منهما في الحكم ، إذ قد لا يكون للبلد مؤذّن ، أو يقع السفر في غير موقع الأذان كما هو الغالب ، أو قد يقع السفر في الليل فيتوارى عن