.................................................................................................
______________________________________________________
ولا يبعد أن يكون مراده (قدس سره) بيان خط السير الذي يقع فيه الذهاب والإياب ، فيكون من القائلين بالثمانية الملفّقة ، ويرتفع الخلاف في المسألة.
كما أنّ الإطلاق في بعض النصوص المتضمّن للاكتفاء بمطلق الأربعة مقيّد بذلك أيضاً ، عملاً بصناعة الإطلاق والتقييد. وهذا في الجملة ممّا لا غبار عليه.
وإنّما الكلام يقع في جهات :
الجهة الأُولى : هل التقصير في الفرض المزبور ثابت على سبيل الوجوب التعييني ، أو أنّه مخيّر بينه وبين التمام؟
المشهور كما في الجواهر هو الأوّل (١) ، بل عن الصدوق نسبته إلى دين الإمامية فيما إذا كان من قصده الرجوع ليومه (٢). وعن الشيخ في كتابي الأخبار التهذيب والاستبصار القول بالتخيير (٣). ونسب إلى جماعة التخيير مطلقاً ، أي وإن لم يرجع ليومه.
ولا يخفى أنّ القول بالتخيير وإن كان له وجه غير وجيه فيما إذا لم يكن من قصده الرجوع ليومه كما ستعرف ، إلّا أنّه في قاصد الرجوع ليومه لم يكن له وجه أصلاً ، إذ لم يرد هنا ما يدلّ على التمام كي يكون التخيير مقتضى الجمع بين الأخبار. وظاهر السؤال عن التقصير الوارد في أخبار المقام السؤال عن أصل التقصير لا عن جوازه كما لا يخفى.
وأمّا التعبير بنفي الجناح في الآية المباركة فقد عرفت أنّ الآية في حدّ نفسها غير ظاهرة في صلاة المسافر ، بل ناظرة إلى صلاة الخوف والمطاردة ، فلا تصلح للاستدلال. على أنّها مفسّرة بإرادة الوجوب ، نظير نفي الجناح الوارد في آية
__________________
(١) الجواهر ١٤ : ٢٠٦.
(٢) أمالي الصدوق : ٧٤٣.
(٣) التهذيب ٣ : ٢٠٨ ذيل ح ٤٩٦ ، الاستبصار ١ : ٢٢٤ ذيل ح ٧٩٢.